كشف المسح الجوي الذي نفذته هيئة البيئة – أبوظبي لمحمية المها العربي خلال شهر نوفمبر الماضي عن زيادة أعداد المها داخل المحمية بنسبة تصل إلى 22% بالمقارنة بالدراسات السابقة، الأمر الذي يعزز من مؤشرات نجاح برنامج الشيخ محمد بن زايد لإعادة توطين المها العربي الذي أنطلق في عام 2007 بقطيع لا يتجاوز عدده 160 رأساً ليصل اليوم إلى 946 رأساً.
وقام فريق متخصص من خبراء الهيئة بعمل دراسة المسح الجوي بهدف إحصاء أعداد المها العربي وغزال الريم وأنواع أخري التي تعيش داخل حدود المحمية والتي تبلغ مساحتها ما يقارب الـ 6 الاف كيلومتر مربع وتعد أكبر المحميات الطبيعية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك في إطار التزام الهيئة بالمحافظة على التنوع البيولوجي بإمارة أبوظبي وتعزيز برامج حماية الأنواع في موائلها الطبيعية. ويعتبر هذا البرنامج بمثابة المسح الجوي الشامل الثاني لمحمية المها العربي بعد المسح السابق الذي تم تنفذيه بشهر مارس 2017.
وهدفت الدراسة إلى توفير إحصائية دقيقة لأعداد حيوان المها العربي ضمن حدود محمية المها العربي، ودراسة مناطق توزيع وانتشار قطعان المها العربي داخل حدود المحمية، وإحصاء وتعداد حيوان غزال الريم ودراسة مناطق انتشاره داخل المحمية، وزيادة المعلومات المتوفرة حول التركيبة الجنسية ومعدل الأعمار لقطيع المها العربي، وساهمت المعلومات التي تم جمعها بوضع مجموعة من التوصيات الفنية المنبثقة عن أسس علمية بغرض تحسين إجراءات إدارة المحمية وبرامج إعادة توطين المها العربي والأنواع الأخرى داخلها.
وقالت الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي: " يعتبر هذا المسح جزء رئيسي من جهودنا للحفاظ على المها العربي التي تكللت بالنجاح بفضل رؤية قيادتنا الرشيدة التي أنشأت المناطق المحمية في جميع أنحاء الدولة، وساهمت في حماية الأنواع والتنوع البيولوجي حيث شكل انقراض هذا الحيوان العربي الأصيل من البراري في بداية الستينات خسارةً كبيرةً ليس فقط للتنوع الحيوي في شبه الجزيرة العربية وإنما على مستوى الموروث الثقافي في المنطقة بأسرها".
وأكدت سعادة الظاهري أن الفضل في إعادة توطين المها العربي يعود إلى الاهتمام الخاص للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي كان من أوائل الذين تنبهوا إلى أن المها العربي أصبح مهددا بالانقراض فأصدر سموه توجيهاته لوضع برامج لحماية المها العربي وإكثارها في الأسر لحمايتها من الانقراض ولإعادة توطينها في الطبيعة، حيث كان اهتمامه الشخصي ودعمه المستمر وبُعد نظره هو الدافع الحقيقي وراء نجاح عملية إعادة توطين المها العربية في البرية لتصبح نموذجاً يحتذي به في جميع أنحاء العالم وتمثل نجاحاً كبيراً لبرامج الحماية والإكثار في الأسر.
وأشارت سعادتها إلى أهمية برنامج سمو الشيخ محمد بن زايد لإعادة توطين المها العربي، الذي يعتبر جزءاً من رؤية حكومة أبوظبي لتكوين قطيع إقليمي يرفد جميع برامج إعادة توطين المها العربي في دول الانتشار والذي جاء للمحافظة على الإرث البيئي للمغفور له الشيخ زايد، والذي ساهم بتعزيز أعداد المها في البرية، مشيرة إلى أنه توجيهات ومتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة -حفظه الله كان لها أكبر الأثر في تفعيل وتعزيز دور هيئة البيئة في مجال حماية المها العربي.
وفي هذا السياق قال أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي بالإنابة لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في الهيئة: "أنه وفي إطار برنامج سمو الشيخ محمد بن زايد لإعادة توطين المها العربي، تم تنفيذ خطة لإكثار وإعادة إطلاق للمها العربي في دولة الإمارات العربية المتحدة والتي كان آخرها إطلاق ما يقارب من 100 رأس في محمية الحبارى، التي تديرها الهيئة وتقع في منطقة الظفرة لتعزيز أعداده في موائله الطبيعية. كما تم من خلال البرنامج إطلاق مجموعات من المها العربي في سلطنة عُمان والمملكة الأردنية الهاشمية حيث تم إطلاق المئات من المها العربي ضمن مدى انتشاره الطبيعي والتاريخي".
وأشار الهاشمي إلى أن البرنامج، الذي عزَز من مكانة دولة الإمارات على المستويين الإقليمي والدولي في جهودها المتميزة في الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض، يعد اليوم من أنجح برامج المحافظة على الأنواع في العالم، حيث ساهم في زيادة أعداد المها العربي في مناطق انتشاره بما في ذلك زيادة أعداده في دولة الإمارات التي تحتضن اليوم ما يزيد على 10 آلاف رأس، 5000 منها في إمارة أبوظبي، وهي أكبر مجموعة من المها العربي في العالم".
ونوه الهاشمي إلى "أنه ونتيجة لجهود التعاون فيما بين دول الانتشار بالمنطقة وبالتنسيق مع الجهات والمنظمات البيئية الدولية، استطاعت دول الانتشار أن تخلد اسمها في سجل التاريخ البيئي العالمي من خلال النجاح في اكثار المها العربي واعادة توطينه في عدد من دول المنطقة العربية. ومن خلال سكرتارية المها العربي، والتي تستضيفها الهيئة، تكللت تلك الجهود الاقليمية بالنجاح الفريد من نوعه في العام 2011 عبر نقل الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة للمها من فئة مهدد بالانقراض إلى فئة "معرض للانقراض".
وأوضح خلدون العمري، مدير إدارة المحميات البرية والبنية التحتية والصيانة في الهيئة أنه تم اعتماد طريقة المسح الجوي لإحصاء المها العربي ضمن مناطق تواجده في المحمية لضمان تغطية أكبر مساحة ممكنة من محمية المها العربي ضمن أقصر وقت ممكن ولضمان دقة النتائج التي يمكن الحصول عليها. وتم تقسيم المحمية إلى خمسة أجزاء مختلفة وذلك نظراً للمساحة الشاسعة لمنطقة الدراسة. واشتملت الدراسة على مرحلتين، مرحلة تحضيرية وتضمنت تجهيز تصميم الدراسة وتدريب الفريق المشارك، والمرحلة الميدانية والتي استمرت لمدة اربعة أيام تم خلالها تنفيذ 8 رحلات بمعدل ساعة ونصف لكل رحلة طيران جوية.
وفيما يتعلق بخصائص قطيع المها العربي قال العمري "أنه تم تسجيل إجمالي ما مجموعه 83 من حيوانات المها اليافعة (العجول)، وهي تشكل ما نسبته 8.8% من حجم القطيع الإجمالي. واعتماداً على مقارنة الصور الفوتوغرافية عالية الجودة، قام فريق العمل بتحديد التركيبة الجنسية لعينة ممثلة من قطيع المها العربي في المحمية، شكلت الإناث النسبة الكبرى من حجم القطيع بنسبة إجمالية قدرها 76.5%".
وبناءً على المسح، خلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات أهمها تحديث خطة تقسيم المحمية بما يتناسب مع توزيع قطعان المها العربي خصوصا فيما يتعلق بمنطقة الصون الرئيسية وبالتالي تعزيز برامج المراقبة والحماية في هذه المنطقة، والتوصية بعمل مسح أرضي للمحمية مبني على نتائج الدراسة الحالية يهدف الى تأكيد نتائج دراسة المسح الجوي بالإضافة الى تحديد نسب الذكور والإناث ومعدل الأعمار وحساب معدل التكاثر والوفيات وجمع المعلومات اللازمة لتقييم الوضع الصحي (الجيني) للقطيع، والتوصية بإعادة عمل الدراسة مرة كل ثلاث سنوات وباستخدام التصميم الحالي للدراسة للتمكن من عمل المقارنات الإحصائية اللازمة وتقييم وضع قطعان المها داخل المحمية. وضرورة توفير المراقبة البيطرية الدورية لقطيع الها العربي والتدخل في حالات الضرورة وذلك تماشيا مع المتطلبات المعيارية الدولية لبرامج إعادة التوطين.