بالتزامن مع اليوم العالمي للسلاحف البحرية الذي يصادف 16 يونيو، ومواكبةً لـ "عام الاستدامة" في دولة الإمارات، الذي يركز على حماية الموائل الطبيعية والتنوع البيولوجي، باعتبارها صمام أمان رئيسي لاستدامة البيئة والتقليل من آثار التغير المناخي، بادرت هيئة البيئة – أبوظبي، بالشراكة مع "ذا ناشونال أكواريوم"، بإعادة إطلاق 81 سلحفاة بحرية إلى موائلها الطبيعية في منتجع وفلل السعديات روتانا في أبوظبي.

شارك في إطلاق السلاحف معالي الدكتور مغير خميس الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع - أبوظبي وعضو مجلس إدارة هيئة البيئة - أبوظبي، وسعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة - أبوظبي، وسعادة صالح محمد الجزيري، مدير عام السياحة في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، وسعادة الدكتور محمد سلمان الحمادي، الوكيل المساعد لقطاع التنوع البيولوجي والأحياء المائية في وزارة التغير المناخي والبيئة، ومانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي، بحضور عدد من أفراد المجتمع.

وكشفت هيئة البيئة - أبوظبي أنه منذ إطلاق برنامج "إنقاذ الحياة البرية" بالتعاون مع "ذا ناشونال أكواريوم" في أغسطس 2020، جرى إنقاذ 800 سلحفاة وإعادة تأهيلها، وأُطلقت 500 سلحفاة بحرية في بيئتها الطبيعية. ومنذ أغسطس 2022، أُنقذت 178 سلحفاة بحرية، واختيرت 81 سلحفاة منها لإعادتها إلى بيئتها الطبيعية، لتنمو وتتكاثر، بما يضمن زيادة أعدادها.

يُنفذ عملية إنقاذ السلاحف فريق من الخبراء والمختصين من هيئة البيئة – أبوظبي و"ذا ناشونال أكواريوم"، حيث يتم التحقق أولاً من صحتها، وتُجرى دراسات للتعرف على أسباب إصابتها. وبناءً على نتائج الفحوصات، تخضع السلاحف لبرنامج إعادة التأهيل في منشأة إعادة تأهيل السلاحف البحرية التابعة لـ"ذا ناشونال أكواريوم" حتى تتعافى، ثم يتم إطلاقها إلى المياه المفتوحة بهدف ضمان عودتها سالمة إلى موائلها الطبيعية.

وبهذه المناسبة، قالت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة - أبوظبي: "نحرص دائماً على إطلاق السلاحف البحرية أكثر من مرة خلال العام، حتى تتمكن من العودة إلى موائلها الطبيعية بعد إتمام إعادة تأهيلها. فنحن نعمل بشكل مستمر على إنقاذ السلاحف المعرضة للخطر لإلحاقها ضمن "برنامج إنقاذ الحياة البرية" بالشراكة مع "ذا ناشونال أكواريوم". فبمجرد العثور عليها، نولي اهتماماً خاصاً بها لنضمن تعافيها وإعادة تأهيلها بشكل جيد قبل أن يتم إطلاقها، الأمر الذي سيمكنها من البقاء على قيد الحياة في موائلها الطبيعية."

وأضافت: "ولقد تمكنا من إطلاق السلاحف التي تم إعادة تأهيلها وزودنا بعضها بأجهزة تتبع عبر الأقمار الصناعية مثبتة على قواقعها، لمراقبة سلوكها وجمع البيانات عن أنماط حياتها وهجرتها. ويساعد تتبع السلاحف البحرية عبر الأقمار الصناعية خبرائنا في رصد المزيد من خصائصها والتعرف على بيولوجيتها. وتُعد مياه أبوظبي موطناً لأكثر من 5,500 سلحفاة، من السلاحف الخضراء وسلاحف منقار الصقر، ومن منطلق سعينا لزيادة أعدادها في المياه الإقليمية لإمارة أبوظبي، نحرص على إعادتها دائما إلى موائلها الطبيعية بدلاً من الاحتفاظ بها داخل الأحواض."

ومن جهته، قال بول هاميلتون، المدير العام لـ "ناشونال اكواريوم": شهد عام 2023 توسيع نطاق عمل "برنامج إنقاذ الحياة البحرية" ليشمل محمية اللوفر للسلاحف، ما أسهم في تعزيز قدرتنا على رعاية السلاحف التي يصل حجمها إلى 100 كغم. وسيشهد عام 2023 أيضاً إطلاق سيارة إسعاف الحياة البرية Wildlife Rescue، التي ستتولى مهمة تقديم الإسعافات الأولية الفورية لأنواع الحياة البحرية المهددة بالانقراض في موقع الإنقاذ. ومن خلال تنفيذ أكثر من 800 عملية إنقاذ خلال 3 سنوات، أصبح برنامج "إنقاذ الحياة البرية" الآن أحد أكبر مشاريع إعادة تأهيل السلاحف البحرية في العالم، وله تأثير كبير على أعداد الأنواع المهددة بالانقراض، إضافة ًإلى التركيز على التعليم والتوعية وتعزيز دور الفرد في المحافظة على الأنواع".

وخلال العام الماضي، وقّعت هيئة البيئة – أبوظبي مذكرة تفاهم مع دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي لتأسيس منطقة لإعادة تأهيل السلاحف في المياه المحيطة بمتحف اللوفر أبوظبي، لضمان بقاء السلاحف البحرية تحت إشراف نخبة من علماء الأحياء البحرية من هيئة البيئة – أبوظبي و"ذا ناشونال أكواريوم" حتى تحقق التعافي التام.

وتعمل هيئة البيئة – أبوظبي منذ عام 1999 على دراسة ومراقبة السلاحف البحرية في أبوظب. وقد ساعدت المعلومات التي جمعتها منذ ذلك الوقت في تحديد المناطق الهامة لتغذية هذه السلاحف بهدف حمايتها والحفاظ عليها، ما أسهم في استقرار أعدادها في المياه الإقليمية لإمارة أبوظبي. وتُعد مياه الإمارة موطناً لنوعين من أصل سبعة أنواع من السلاحف البحرية التي تنتشر في محيطات العالم، هما منقار الصقر والسلاحف الخضراء، وكلاهما مهدد بالانقراض.

وكشف برنامج إعادة التأهيل أن العديد من السلاحف ظهرت عليها علامات البرد الشديد، وفي هذه الحالة، تصبح السلاحف البحرية هزيلة جداً وغير نشطة نتيجة تعرضها لدرجات حرارة منخفضة. علاوة على ذلك، تصبح السلاحف المصابة بالبرد خاملة، وعند تطور الحالة تصل لمرحلة لا تقوى فيها على السباحة، ما يجعلها تطفو على سطح الماء. وفي بعض الحالات، يمكن أن تؤدي البرودة الشديدة إلى تراكم البرنقيل على ظهرها، ما يعيق قدرتها على الحركة.

ومن خلال تتبع السلاحف البحرية التي أُعيد تأهيلها وإطلاقها خلال السنوات القليلة الماضية عبر الأقمار الصناعية، كشفت البيانات أنها بقيت في الغالب داخل الخليج العربي، كما أظهرت دراسة سابقة حول هجرة السلاحف الخضراء أجريت في الفترة بين سنتي 2016 و 2019 أن السلاحف الخضراء، التي تتواجد في مياه الإمارة، تتوجه لرأس الحد في سلطنة عُمان للتعشيش. وتساعد النتائج المستخلصة من تتبع الأقمار الصناعية الهيئة  في وضع استراتيجيات وبرامج لإدارتها محلياً وإقليمياً وتقييم أعدادها وحمايتها من المخاطر والتحديات التي تهددها.

وتعتبر جزيرة السعديات في أبوظبي، التي شهدت إطلاق السلاحف والتي تقع بها محمية متنزه السعديات البحري الوطني، موطناً لنظام بيئي متنوع من الأنواع البحرية التي تتمتع بالحماية، وتربط السكان والزائرين بالطبيعة النقية والبيئة المتفردة في أبوظبي. وتلتزم الجهات المعنية في جزيرة السعديات في أبوظبي بحماية محيطها الطبيعي والأنواع التي تحتضنها، وتوفر للزوار فرصة فريدة لمشاهدة الحيوانات المحلية في بيئتها الطبيعية.