أجرت هيئة البيئة – أبوظبي خلال عام 2023 مسحاً على مستوى إمارة أبوظبي لرصد تجمُّعات تكاثر طائر العقاب النساري، التي تُعدُّ الأكبر على مستوى الخليج العربي، وشمل المسح جميع المواقع الساحلية، إضافةً إلى الجزر القريبة من الشاطئ والبحر في الإمارة. يعدُّ هذا المسح هو الأشمل على مستوى دولة الإمارات لرصد تكاثر العقاب النساري. وكشفت نتائج المسح تكاثر 127 زوجاً من العقاب النساري في أكثر من 40 موقعاً ساحلياً وجزيرة.

وللحفاظ على استقرار أعداد العقاب النساري وتكاثرها، تعاونت هيئة البيئة - أبوظبي مع شركائها الاستراتيجيين لتوفير منصات تعشيش اصطناعية في مواقع انتشاره، وعلى الجزر المتصلة بالبر الرئيسي لحمايتها من الافتراس والأنشطة البشرية. ويوفِّر تصميم هذه المنصات موقعاً مناسباً وآمناً لهذا الطائر ليتمكَّن من بناء أعشاش جديدة.

وقال أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي لقطاع التنوُّع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة – أبوظبي: «اتخذت الهيئة تدابير لمراقبة هذا النوع النادر وحمايته، بتوفير منصات تعشيش صناعية في أكثر من 25 موقعاً، فأثبتت أنها أداة فعّالة جداً في توفير الفرصة لتكاثر هذا الطائر. ونعمل وفق خطة عمل للمحافظة على هذه الأنواع المهمة، وأُدرِجَ هذا الطائر ضمن فئة الطيور المهدَّدة بالانقراض في إمارة أبوظبي، وفقاً للقائمة الحمراء لأنواع الحياة الفطرية».

وأضاف الهاشمي: «المسح الشامل والمراقبة المستمرة لأعداد العقاب النساري يوفِّر للهيئة معلوماتٍ عن نوعه ما يمكِّنها من تقييم وضعه الحالي لتعزيز الجهود التي تبذلها لحمايته والمحافظة عليه، خصوصاً أنَّ 56% من أعشاش العقاب النساري موجودة في المحميات الطبيعية البحرية التابعة لهيئة البيئة – أبوظبي».

يُعدُّ العقاب النساري (Pandion haliaetus) المعروف محلياً باسم «الدمي»، أحد أنواع الطيور المقيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويتغذَى حصرياً على الأسماك، وينتشر في الموائل البحرية، لكن يوجد منه عدد قليل جداً في المناطق الداخلية. ويتكاثر العقاب النساري في دولة الإمارات العربية المتحدة في الفترة من ديسمبر إلى مارس، ويعشِّش عادة على الأرض في أعشاش ضخمة، حيث يبني كلُّ زوج عشاً كبيراً أو أكثر باستخدام النباتات الجافة، ويبني أعشاشه أيضاً على نتوءات صخرية ساحلية أو هياكل مهجورة أو أيِّ منصة مرتفعة تكفي لاستيعاب العش. ورُصد أعلى عش لهذا الطائر في الدولة على برج الاتصالات بارتفاع 60 متراً تقريباً. ومن خلال المسح رُصِدَت ظاهرة غير اعتيادية، إذ بنى زوجان من طائر الدمي عشهما على الشجر، وهذا يعدُّ سلوكاً غير اعتيادي؛ لأنَّ الدمي يفضِّل التعشيش على الأرض. وشوهدت أعشاشه في مختلف الجزر البحرية القريبة من الشاطئ في إمارة أبوظبي. ويبني كلُّ زوجان عادة عدداً من الأعشاش، ثمَّ يختاران أحدها لموسم التكاثر، وقد يستخدمان العشَّ ذاته كلَّ عام. يتغذى طائر الدمي على الأسماك، ما يجعله يفضِّل التعشيش في المناطق الساحلية، حيث تتوافر كميات كبيرة من الأسماك.

يتمتَّع العقاب النساري بالحماية، بموجب القانون الاتحادي رقم 24 لعام 1999، الذي يحظر صيد أو قتل أو إمساك الطيور، أو جمع بيضها، أو صغارها، أو التسبُّب بالضرر لمواقع التكاثر. والهيئة ملتزمة بمراقبة تدابير الحماية وتنفيذها للحفاظ على هذا النوع من الطيور وموائله الطبيعية.

ويعدُّ العقاب النساري مؤشراً جيداً على صحة النظم البيئية البحرية ووجودها. وهو مدرج في خطة العمل للحفاظ على الطيور المهاجرة بموجب الاتفاقية المتعلقة بحماية الطيور الجارحة المهاجرة في إفريقيا وأوروبا - آسيا. وللحفاظ على هذا النوع على المستوى العالمي، تتعاون هيئة البيئة – أبوظبي مع أمانة معاهدة الأنواع المهاجرة، وتستضيف مكتبها الإقليمي في أبوظبي منذ عام 2009، والذي يعدُّ مقراً للاتفاقية المتعلقة بالمحافظة على الطيور الجارحة المهاجرة في إفريقيا وأوراسيا.