تتعاون هيئة البيئة - أبوظبي مع شركة «ديندرا» العالمية المتخصِّصة في مجال التكنولوجيا البيئية وبالشراكة مع «القابضة» (ADQ)، لتنفيذ مشروع تطوير تقنيات مبتكرة لإعادة تأهيل أشجار القرم. ويندرج المشروع تحت مظلة مبادرة القرم – أبوظبي، الداعمة لاستراتيجية هيئة البيئة - أبوظبي للتغيُّر المناخي لإمارة أبوظبي.

ويدعم المشروع أيضاً جهود عام الاستدامة ومبادراته الاستراتيجية، فأشجار القرم معروفة بأنها من الحلول القائمة على الطبيعة التي تمتاز بأهميتها الشديدة لدورها في التخفيف من آثار تغيُّر المناخ؛ لأنها قادرة على امتصاص الغازات الدفيئة وتخزين الكربون بكفاءة، وتصل قدرتها على امتصاص الكربون إلى 4 أضعاف أشجار الغابات المطيرة في الأمازون. ويوفِّر هذا التعاون استثمارات إضافية في الموارد والتقنيات المتطوِّرة التي تعزِّز جهود أبوظبي لزراعة أشجار القرم وإعادة تأهليها.

وبموجب هذا التعاون، توفِّر هيئة البيئة - أبوظبي إرشادات مبنية على البيانات من خلال خبرائها المتخصِّصين في زراعة أشجار القرم الذين نفَّذوا مشاريع عديدة لإعادة تأهيل أشجار القرم دمجت التكنولوجيا والمعرفة التقليدية بالبيئة المحلية، إضافة إلى توفير خريطة الموائل التي طوَّرتها الهيئة وتشمل جميع أنحاء الإمارة لدعم جهود إعادة التأهيل.

وتقدِّم هيئةُ البيئة – أبوظبي، بموجب التعاون، الدعمَ في تحديد الأراضي التي ستُزرَع، والمنهجية التي ستُستخدَم في الزراعة، إضافة إلى مشاركة معرفتها بالبيئة المحلية، وتوفير نتائج المسح الشامل لإعادة تأهيل أشجار القرم، الذي صنَّف المناطق المناسبة للزراعة وإعادة التأهيل، وسلَّط الضوء عليها بشكل أوَّلي.

ومن جهة أخرى توفِّر «ديندرا» التكنولوجيا المتطورة والخدمات عبر تقنية الاستشعار عن بُعد، اعتماداً على الطائرات المسيرة (الطائرات من دون طيار) في نهج يعتمد على البيانات بهدف تحسين عملية إعادة التأهيل وتحسين النتائج.

وبعد التقييم وزراعة المنطقة، سيُجرى رصد جوي ومسوحات ميدانية للتعرُّف على معدلات الإنبات بشكل أفضل، ومراقبة نجاح عمليات استعادة النظم البيئية. وستُجرى هذه المسوحات كلَّ أربعة أسابيع مُدَّةَ ثلاثة أشهر، ثمَّ تُنفَّذ لاحقاً في كلِّ ربع من السنة الأولى، يليها إجراء مسح كلَّ عام لاحق.

ويشمل التعاون أيضاً إجراء مسوحات إضافية، عن طريق تقنية الاستشعار عن بُعد، لتعزيز معرفة الهيئة بأشجار القرم، ومواقعها، والمواقع المحتمَلة التي تحتاج إلى إعادة التأهيل، وإضافة طبقة إضافية من البيانات من خلال استخدام التقنيات المتقدِّمة. ويشمل ذلك مراقبة20,000 هكتار من الأراضي من خلال الطائرات المسيَّرة المزوَّدة بأجهزة استشعار فائقة الدقة (RGB) للحصول على بيانات متعدِّدة الأطياف.

ويتضمَّن المسح كذلك جمع المعايير التي تتيح لهيئة البيئة - أبوظبي تحديد حالة وصحة أشجار القرم؛ إذ تساعد هذه البيانات على تحديد الفجوات والتأثيرات المحتملة، وتحديد مستويات المد والملوحة وارتفاع الأرض، وتدعم الطرق والمناهج العلمية التي تتبعها هيئة البيئة – أبوظبي في إيجاد نهج شامل لاستعادة ومراقبة النظم البيئية لأشجار القرم بفعالية أكبر.

وقال أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي لقطاع التنوُّع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة – أبوظبي: «نتطلَّع دائماً إلى بناء شراكات قوية مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص، لتنفيذ مشاريع ناجحة. ومن خلال هذا التعاون مع ديندرا، وفي إطار استراتيجية التغيُّر المناخي أبوظبي، فضلاً عن شراكتنا مع "القابضة" (ADQ)، سنعمل على تنفيذ مشروع لاستعادة النظم البيئية الساحلية، وخاصة أشجار القرم. ولضمان نجاح المشروع، سنستخدم أدوات رصد ومراقبة متقدِّمة بطائرات من دون طيار، لزيادة دقة البيانات المتعلِّقة بالنظم البيئية قبل اختيار المناطق الأكثر ملاءمة لإعادة التأهيل. وبعد ذلك، سنبدأ بزراعة أشجار القرم ضمن مبادرة القرم - أبوظبي، التي تدعم خطة دولة الإمارات لزراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030».

ستتيح نظمُ بيانات آر جي بي (RGB) فائقة الدقة التي ستجمعها «ديندرا» تحديدَ أنواع الحيوانات وأنشطتها، إضافةً إلى تأثيرات الآفات والأنشطة البشرية، وكذلك إجراء تقييم كامل لمجموعات أشجار القرم.

يشار إلى أنَّ أبوظبي أعدَّت في فبراير من عام 2022، خطةً طموحةً لجعل الإمارة مركزاً عالمياً رائداً للأبحاث والابتكار في مجال الحفاظ على أشجار القرم من خلال إطلاق مبادرة القرم - أبوظبي. جاء ذلك خلال الزيارة التاريخية التي أجراها صاحب السمو الملكي الأمير وليام، ولي عهد المملكة المتحدة أمير ويلز، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث التقى سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، في منتزه قرم الجبيل في أبوظبي.

وتعدُّ هذه المبادرة امتداداً لمشروع الكربون الأزرق، مع التركيز على أهمية أشجار القرم ودورها في مكافحة التغيُّر المناخي من خلال عزل الكربون. وتهدف إلى أن تكون مِظلَّةً لجميع أنشطة أبحاث وإعادة تأهيل أشجار القرم في الإمارة، وتتضمَّن إنشاء مشتل متطوِّر لأشجار القرم في أبوظبي، ليصبح مركزاً للأبحاث والدراسات، وضمان تنفيذ مشاريع وأبحاث إعادة تأهيل أشجار القرم القائمة على أسس علمية مع جميع الجهات المعنية الرئيسية.

يُذكَر أنَّ نوعاً واحداً من أشجار القرم ينمو في أبوظبي، وهو يُسمّى القرم الرمادي (Avicenna marina) وينمو على امتداد الشواطئ والمياه الداخلية والجزر، ويعدُّ من النباتات المحلية في إمارة أبوظبي. يوفِّر الهيكل الكثيف والمعقَّد للأشجار المزروعة قديماً موئلاً غنياً للأسماك، ولغيرها من الأنواع والكائنات. ويبلغ المدى الحالي للغطاء الإجمالي لأشجار القرم في أبوظبي (عام 2023) 176 كيلومتراً مربعاً. وزُرِع نحو 20 مليون شجرة قرم في المناطق الساحلية في أبوظبي منذ عام 1987.

تعدُّ غابات القرم من بين الأنظمة الطبيعية الأكثر كفاءة في امتصاص وتخزين الكربون من الغلاف الجوي، حيث تعدُّ معدلات عزل الكربون الموجودة في دولة الإمارات العربية المتحدة أعلى نسبياً مقارنة بالمعدلات الأخرى المعلَن عنها في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية. وكشفت الدراسات التي أجرتها هيئة البيئة - أبوظبي عن قدرة أشجار القرم في أبوظبي على تخزين الكربون بمعدل 0.5 طن للهكتار الواحد سنوياً، أي ما يعادل 8,750 طناً على مستوى الإمارة، أي ما يعادل الانبعاثات الكربونية السنوية لـ1,000 منزل.