استكملت دولة الإمارات العربية المتحدة الاستعدادات للترحيب بالعالم في المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025، الذي تستضيفه إمارة أبوظبي وتنظمه وزارة التغير المناخي والبيئة وهيئة البيئة – أبوظبي في الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر 2025، ليجسد إرث الدولة العريق في مجال الحفاظ على الطبيعة، ورؤيتها في تقديم حلول جماعية تستند إلى العلوم لمواجهة تحديات التنوع البيولوجي.

ويُعقد المؤتمر بمشاركة وزراء وعلماء وقادة الشعوب الأصلية والشباب وممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص، ليكون أحد أضخم الملتقيات العالمية المكرّسة للحفاظ على الطبيعة.

وخلال اللقاء الإعلامي الذي عُقد في استوديو «أثير» بـجزيرة ياس في أبوظبي، وبحضور عدد من ممثلي وسائل الإعلام، قدّم المتحدثون الرئيسيون تفاصيل حول المؤتمر، وناقشوا الحاجة إلى العمل المشترك بين مختلف القطاعات وأهمية اتخاذ إجراءات عاجلة وتعاونية. كما أكد المتحدثون على دور دولة الإمارات المحوري في الحفاظ على الطبيعة وصون البيئة وتعزيز مبادئ الاستدامة، باعتبارها ركيزة أساسية لضمان مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً للأجيال القادمة.

وباقتراب عام 2030 والمساعي لتحقيق أهداف الإطار العالمي للتنوع البيولوجي «كونمينغ-مونتريال»، وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وأهداف المناخ العالمية، من المنتظر أن يشهد المؤتمر إطلاق مبادرات نوعية تسهم في صياغة السياسات البيئية الدولية المستقبلية.

وتعكس استضافة دولة الإمارات لهذا الحدث العالمي مسيرةً ممتدة لأكثر من نصف قرن في مجال حماية البيئة، والمتجذرة في رؤية الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. إذ تواصل الدولة اليوم ريادتها في حماية الأنواع المهددة بالانقراض، وإعادة توطينها، واستعادة النظم البيئية، إلى جانب التزامها بالابتكار المستدام، بدءاً من برنامجها الطموح لاستزراع 100 مليون شجرة قرم بحلول 2030، وصولاً إلى تطوير منصات متقدمة لتكنولوجيا المناخ وإطلاق سفن أبحاث بحرية حديثة.

ويواكب برنامج المؤتمر حجم الطموحات والسرعة المطلوبة لمواجهة الأزمات المترابطة بفقدان التنوع البيولوجي والتنمية المستدامة. وتشمل أبرز المحطات، إصدار النسخة المحدثة من القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض التابعة للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، وإطلاق قائمة حمراء أوروبية جديدة خاصة بالملقحات، إضافة إلى استعراض أحدث توقعات التراث العالمي.

ويشهد المؤتمر تقديم جوائز عالمية مرموقة في مجال الحفاظ على البيئة، تشمل ميدالية كوليدج التذكارية، وميدالية جون سي، وميدالية فيليبس التذكارية، وجوائز الحارس الدولي، تقديراً للمساهمات المتميزة في حماية النظم البيئية حول العالم. وتنعقد جمعية أعضاء الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة لمناقشة أكثر من 200 مقترح والتصويت عليها، ما يسهم في تحديد أولويات الحفاظ على البيئة العالمية للعقد المقبل.

وقالت سعادة هبة عبيد الشحي، وكيل الوزارة المساعد لقطاع التنوع البيولوجي والأحياء المائية في وزارة التغير المناخي والبيئة بالوكالة: «إن التزام دولة الإمارات تجاه الطبيعة راسخ ومتجذر وينطلق من الإرث الخالد الذي أرساه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي غرس فينا أن ازدهارنا انعكاس لصحة أرضنا وبحارنا وبيئتنا. لقد علمتنا بيئتنا الصحراوية كيف نعمل بانسجام مع الطبيعة، وشكلت لدينا فهماً عميقاً لكيفية دعمها لمسيرتنا. ومن هذا المنطلق، تأتي استضافتنا للمؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة، كمنصة محورية لتعزيز التعاون الدولي وتوحيد الرؤى لتسريع التحول نحو اقتصاد إيجابي للطبيعة».

وأضافت سعادتها: «سيشهد المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة تتويج الدعوات العالمية الملحة لحماية النظم البيئية واستعادتها، عبر بلورة التزام عالمي راسخ. ويضمن هذا المحفل الدولي أن يبقى صون الطبيعة على رأس الأولويات العالمية، مجسداً حقيقة خالدة مفادها: بقدر ما اعتنينا بطبيعتنا، بادلتنا العطاء بعطاء أعظم».

وقالت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي، المستشار الإقليمي للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في منطقة غرب آسيا، ونائب رئيس المجلس العالمي للهدف الـ14 للتنمية المستدامة: «تعد مسيرة أبوظبي ودولة الإمارات في مجال الحفاظ على البيئة نموذجاً عالمياً في المرونة والابتكار، وتعكس إيماننا العميق بأن الحفاظ على التنوع البيولوجي يعتبر مسؤولية مشتركة. ويعد المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة محطة محورية لتحويل الالتزامات إلى خطوات عملية، والجمع بين خبرات الشعوب الأصيلة وأفكار المبتكرين الرائدين لصياغة مستقبل إيجابي للطبيعة. إن هذا المؤتمر يبرز قناعاتنا الراسخة بأن التعاون الدولي هو السبيل لضمان كوكب مزدهر لجميع أشكال الحياة».

وقالت الدكتورة غريثل أغيلار، المدير العام للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة: «ستكون دولة الإمارات العربية المتحدة منصةً عالمية للحلول القائمة على العلم، والمدعومة بالسياسات، والمشاركة المجتمعية. ويمثل المؤتمر نقطة تحول، وفرصة لتوسيع نطاق الحلول المستندة إلى الطبيعة، وتسريع تنفيذ الإطار العالمي للتنوع البيولوجي، وتعزيز الشراكات التي يحتاجها العالم لضمان ازدهار الإنسان والطبيعة معاً».

ويضم المؤتمر قائمة بارزة من المتحدثين، من بينهم: معالي الدكتورة آمنة بنت عبد الله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات؛ ومعالي رزان خليفة المبارك، رئيس الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة؛ والدكتورة غريثل أغيلار، المدير العام للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة؛ والدكتور ديفيد أوبورا، رئيس المنبر الحكومي الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية؛ وأليساندرا يوبانكي، الناشطة في الأنديز ورئيسة تحرير مجلة سابينس؛ وإريك جينغ، رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لـ مجموعة «أنت». ويشارك وزراء بيئة آخرون وقادة الاتفاقيات الدولية، ليساهموا معاً في صياغة الحوار الدولي وإلهام الجيل المقبل من القادة البيئيين العالميين.

وإلى جانب الجلسات الرئيسية للمؤتمر، ستتخلل الفعاليات حلقات نقاش رفيعة المستوى ومنتديات متخصصة ولقاءات وزارية، تُبرز من خلالها دولة الإمارات العربية المتحدة مبادراتها الريادية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (6 و13 و14 و15). وتغطي هذه المبادرات نطاقاً واسعاً يبدأ من مشاريع الكربون الأزرق المبتكرة واستعادة غابات القرم، مروراً بتطوير العلوم البحرية والإدارة المستدامة لمصايد الأسماك، وصولاً إلى برامج إعادة توطين الحياة البرية. ويعرض البرنامج كيف يعزز نموذج المجلس العالمي لأهداف التنمية المستدامة لدولة الإمارات التعاون بين مختلف القطاعات، ومواءمة الحفاظ على التنوع البيولوجي مع احتياجات التنمية البشرية، مع تطوير سياسات تستند إلى الأدلة وتضع معايير جديدة للتعاون الدولي.

ويُشكّل جناح دولة الإمارات العربية المتحدة منصة حية تُجسّد إرث الدولة وريادتها في حماية البيئة، جامعاً بين العلم والتقاليد والابتكار. ويعرض الجناح مبادرات بارزة منها حماية الأنواع المهددة بالانقراض، واستعادة النظم الساحلية والبحرية، وتمكين الشباب، ومشاركة المعارف الأصيلة إلى جانب الحلول المستقبلية. وتوفر المساحات الموضوعية التفاعلية رحلة تُبرز مسار دولة الإمارات نحو بناء اقتصادات إيجابية للطبيعة، وحماية برية وبحرية فاعلة عبر المناطق المحمية، والتعليم البيئي، والقيادة الشبابية، إضافة إلى شراكات عالمية تحويلية في مجال التنوع البيولوجي تُسهم في صياغة السياسات الدولية.

ويشار إلى أن المؤتمر سيشهد انعقاد اجتماع «جمعية الأعضاء» بحضور أكثر من 1400 عضو في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، والتي ستُصادق على مقترحات تُرسم من خلالها ملامح السياسات البيئية والعمل الجماعي للأعوام المقبلة. وينظم سلسلة من القمم رفيعة المستوى التي تتناول قضايا محورية مثل التنوع البيولوجي والمناخ والتنمية المستدامة، لتؤكد دور دولة الإمارات منصةّ لبناء الجسور وتعزيز التوافق العالمي، ودفع الشراكات والحلول العملية إلى الأمام.

وباجتماع العالم في دولة الإمارات العربية المتحدة لحضور هذا الحدث التاريخي، يؤكد المؤتمر مجدداً أن العمل الجماعي من أجل الطبيعة ينطلق من هنا، ما يمهد الطريق لعقد من الحلول المتسارعة لضمان صحة كوكبنا ورفاهية الأجيال المقبلة.