أنهت هيئة البيئة – أبوظبي عملية قياس مؤشر التنوُّع البيولوجي للمدن في مدينة أبوظبي، والذي يُعدُّ أداة تقييم ذاتي للمدن في جميع أنحاء العالم لقياس ورصد التقدُّم المحرَز في جهود الحفاظ على التنوُّع البيولوجي، ووسيلة قيِّمة لنشر الوعي بين سكان المدن لحماية التنوُّع البيولوجي والنظم البيئية.

والمؤشر، الذي يُعرَف كذلك باسم «مؤشر سنغافورة للتنوُّع البيولوجي للمدن»، يهدف إلى مساعدة المدن على تحقيق التنمية المستدامة، حيث يمكن للتنوُّع البيولوجي والبشر أن يحقِّقوا النمو والازدهار في تناغم ووئام، وفي الوقت نفسه معالجة مخاطر فقدان التنوُّع البيولوجي وآثار تغيُّر المناخ، استناداً إلى أفضل الممارسات العلمية التي أُتيحت خلال العقد الماضي.

ويهدف المؤشر إلى تحقيق بيئة مستدامة، وتعزيز القدرة البيولوجية الكافية للتصدي لأيِّ انتهاكات بيئية، فضلاً عن المساهمة في توجيه الجهات الحكومية المحلية والوطنية والإقليمية بشأن قياس التنوُّع البيولوجي، ومدى صحة النظام البيئي، ونجاح الممارسات المتبعة لإدارته.

ويقيس هذا المؤشر أداء المدن في إدارة التنوُّع البيولوجي الحضري، ويمنح النقاط لثلاث فئات تتضمَّن عدد أنواع النباتات والحيوانات في المدينة، والخدمات التي توفِّرها هذه النباتات والحيوانات، مثل التلقيح وتخزين الكربون، ومدى نجاح المدينة في إدارة تنوُّعها البيولوجي للحفاظ على الموارد الطبيعية، والنظم البيئية والأنواع الفطرية.

وتسهم الأشجار والمساحات الخضراء بالمدن في التقليل من التأثيرات السلبية لتغيُّر المناخ، من خلال تخزين الكربون، وخفض درجة الحرارة، وتنقية الهواء، وغيرها من الخدمات البيئية التي توفِّرها النباتات الموجودة في المزارع أو على جوانب الطرقات، وفي الحدائق داخل المدن، وفي المناطق الخضراء الأخرى، الأمر الذي يدعم الجهود المبذولة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، وتوفير موائل للحيوانات المحلية الأخرى.

وقد جمعت الهيئة البيانات لقياس معايير المؤشر من أماكن حضرية عدة، مثل الحدائق العامة ونوادي الغولف والوديان، وذلك من خلال إجراء مسوحات ميدانية قام بها فريق تقييم ومراقبة التنوُّع البيولوجي بالهيئة. وقد جُمِعَت المعلومات والبيانات المتعلقة بالنظم الجغرافية، والمعلومات الخاصة بالأنشطة التوعوية التي جمعتها الهيئة وشركائها من الجهات الحكومية الأخرى للحصول على معلومات لتقييم المؤشرات بشكل دقيق، حيث تعاونت مع دائرة البلديات والنقل، ودائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي، ومركز الإحصاء - أبوظبي، وحديقة حيوانات العين، وغيرها من الجهات الحكومية والخاصة.

وقُيِّمَت الأنواع والعائلات التي تتضمَّن اللافقاريات والحشرات، بما فيها الدبابير واليعاسيب والفراشات والعقارب والجنادب والخنافس، والتي تضمُّ 108 أنواع، منها 103 من الأنواع المحلية، و5 أنواع من الأنواع الدخيلة. وقُيِّم 192 نوعاً من النباتات، منها 122 نباتاً محلياً و70 نوعاً من النباتات الدخيلة، في حين قُيِّم 431 نوعاً من الطيور، منها 396 نوعاً من الأنواع المحلية، و35 نوعاً من الطيور الدخيلة.

وكشفت البيانات عن وجود تنوُّع بيولوجي كبير في مدينة أبوظبي، حيث رُصِد خلال السنوات الماضية نحو 20 نوعاً من اللافقاريات أضيفت للمرة الأولى إلى قوائم العلم، وعُثِر عليها داخل حدود مدينة أبوظبي، وقد شملت المناطق المحمية، مثل محمية الوثبة للأراضي الرطبة، ومنتزه القرم الوطني. ومن أنواع الحشرات الجديدة الذبابة الراقصة (Drapetis wathabiensis) ودبور الحفار (Ammatomus wathabensis) اللذان رُصدا في محمية الوثبة للأراضي الرطبة. ومن النباتات رُصِدَت أنواع عشبية نادرة عدة، مثل حلفا (Halopyrum mucronatum)  التي عُثِر عليها تنمو في بعض المناطق بجزيرة السعديات.

وقالت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي: «انضمت مدينة أبوظبي إلى قائمة تضمُّ 39 مدينة في العالم طبَّقت مؤشر التنوُّع البيولوجي للمدن، لتكون الأولى في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، الأمر الذي يُعدُّ إنجازاً كبيراً للهيئة يضاف للإنجازات التي حقَّقتها في مجال الحفاظ على التنوُّع البيولوجي. وهذا يؤكِّد نجاح جهود الهيئة في الارتقاء بالوظائف الحيوية للأنظمة البيئية، التي تُعدُّ أحد المُؤَشرات الرئيسة الدالة على جودة الحياة ورفاه الإنسان، فضلاً عن أهمية ودقة البيانات التي جمعتها الهيئة على مدى السنوات الماضية».

وأشارت إلى أنَّ المعايير التي يقيسها المؤشر تعكس مدى إدراك المجتمع للقيم الموجودة في النظم الإيكولوجية، ومدى مساهمته في حماية التنوُّع البيولوجي من خلال إشراكه في برامج رصد التنوُّع البيولوجي، وحفظه وتوثيقه لتعزيز قدرة المدينة على جمع البيانات عن تنوُّعها البيولوجي، ومن ثمَّ تحسين جودة البيانات وتعزيز المعرفة بالتنوُّع البيولوجي للمدينة.

وقد أسهمت الجهود التي تبذلها الهيئة لإشراك المجتمع في مساعيها لحماية التنوُّع البيولوجي، في درجة التقييم التي حصلت عليها الهيئة. وقد أشارت الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي إلى أنَّ الهيئة ومن خلال علم المواطنة، توفِّر فرصة لإشراك أفراد المجتمع بطريقة هادفة في القضايا البيئية، ومنها التطبيق والموقع الإلكتروني «طبيعة أبوظبي»، الذي أطلقته الهيئة أخيراً لمساعدة الجمهور على معرفة المزيد عن الحياة البرية في إمارة أبوظبي، وتسجيل مشاهداتهم للأنواع البرية والبحرية.

وقال أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي لقطاع التنوُّع البيولوجي البري والبحري: «أظهرت نتائج المؤشر أنَّ نسبة الاستدامة في مدينة أبوظبي مرتفعة مقارنة بباقي المدن التي استخدمت المؤشر، وهذا يعكس الجهود المبذولة في مدينة أبوظبي لتحقيق بيئة مستدامة. ويعود ذلك بالتأثير الإيجابي في جودة الحياة والتنوُّع البيولوجي في الإمارة، الأمر الذي يسهم في توفير بيئة صحية ومستدامة للأجيال المقبلة».

وأضاف: «مدينة أبوظبي لن تكتفي بالنتائج المرتفعة التي حصلت عليها، ولكنها تسعى لتحقيق مستوى مثالي من الاستدامة البيئية، من خلال وضع خطط عمل مع فريق سنغافورة للتنوُّع البيولوجي للمدن، لتحديث مؤشرات تتناسب مع البيئة الصحراوية، إضافة إلى توسيع نطاق المسح الميداني ليشمل مدينة العين والظفرة، والاستمرار بإعادة تقييم المؤشرات بشكل دوري لمعرفة التحديثات المحرزة».

ومع الانتهاء من قياس مؤشر التنوُّع البيولوجي للمدن تكون مدينة أبوظبي قد انضمت إلى عدد من المدن من جميع أنحاء العالم، والتي انتهت من قياس المؤشر في مدنها، مثل بروكسل في بلجيكا، وإدمونتون في كندا، وحيدر أباد في الهند، وناغويا في اليابان، وأوكلاند في نيوزيلندا، وسنغافورة، ولندن في المملكة المتحدة، ولوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد كشفت نتيجة التقييم عن حصول مدينة أبوظبي على 86 درجة من أصل 100 درجة، وهي تُعدُّ درجة مرتفعة مقارنة بباقي المدن التي استخدمت المؤشر.