أعلن مركز الإحصاء – أبوظبي أنَّ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لإمارة أبوظبي بلغ 306.3 مليارات درهم في الربع الثاني من عام 2025، مسجِّلاً زيادة بنسبة 3.8% مقارنة بالربع الثاني من عام 2024. وسجَّل الاقتصاد غير النفطي أفضل أداءٍ ربعي له على الإطلاق من حيث القيمة، حيث ارتفع بنسبة 6.6% على أساس سنوي ليصل إلى 174.1 مليار درهم، ولتصل مساهمته الربعية للمرة الأولى إلى 56.8% من إجمالي الناتج المحلي.

وبلغ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال النصف الأول من عام 2025 نحو 597.4 مليار درهم، مسجلاً نمواً سنوياً بنسبة 3.63% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024. وواصل الاقتصاد غير النفطي أداءه القوي، محققاً نمواً بنسبة 6.37% على أساس سنوي ليصل إلى 337.6 مليار درهم.

ويؤكد هذا الأداء الإيجابي نجاح جهود التنويع الاقتصادي التي تقودها الإمارة، ودور القطاعات الحيوية غير النفطية في تعزيز النمو المستدام، فضلاً عن مرونة نموذج أبوظبي الاقتصادي المتنوّع، ويسلِّط الضوء على فاعلية المبادرات الاستراتيجية التي تواصل اجتذاب الاستثمارات، وتحفِّز الابتكار، وتوجد وظائف ذات قيمة عالية.

وقال معالي أحمد جاسم الزعابي، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية – أبوظبي: «يؤكد النمو القوي للناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات القليلة الماضية مكانة أبوظبي الاقتصادية الريادية التي ترتكز على رؤية طموحة واستراتيجية شاملة وخطط دقيقة لتسريع الاقتصاد وتنويعه. ويأتي نمو الاقتصاد غير النفطي الذي أسهم بـ56.8% من الناتج المحلي الإجمالي وارتفع بنسبة 6.6 خلال الربع الثاني، مدفوعاً بقوة أداء قطاعات رئيسية مثل الصناعة والتشييد والبناء والأنشطة المالية والتأمين والقطاع العقاري وتقنية المعلومات والاتصالات، في ظل منظومة أعمال تنافسية، وبنية تحتية بمستويات عالمية».

وأضاف معاليه: «يقود اقتصاد الصقر جهود بناء اقتصاد المستقبل الذي يمتاز بالتنوع والمرونة والشمول والتنافسية العالمية. ويعكس النمو المستمر للناتج المحلي الإجمالي فاعلية المبادرات التطويرية والسياسات الاستباقية التي تتخذها أبوظبي. وتركز جهودنا على بناء اقتصاد الابتكار والقيمة المرتفعة الذي يتيح المزيد من الفرص للقطاع الخاص، ويُمكِن مختلف شرائح المجتمع من تحقيق أقصى إمكاناتها».

وقال سعادة عبدالله غريب القمزي، المدير العام لمركز الإحصاء – أبوظبي: «تبرز المستويات القياسية التي يحقِّقها اقتصاد الإمارة وفقاً لنتائج الربعين الأول والثاني من عام 2025 قوة الاقتصاد وفاعلية التخطيط المبني على بيانات عالية الجودة. وبتقديم الحكومة استراتيجية رقمية بقيمة 13 مليار درهم تهدف إلى تحويل أبوظبي إلى أول حكومة قائمة على الذكاء الاصطناعي في العالم بحلول عام 2027، فإنَّ مركز الإحصاء – أبوظبي يؤدّي دوراً محورياً في تمكين هذا التحوُّل من خلال توفير إحصاءات موثوقة في الوقت المناسب».

وأضاف سعادته: «يعكس هذا الأداء الإيجابي الحيوية السكانية في الإمارة على مستوى كافة القطاعات، مع مواصلة المركز توفير بيانات تُسهم في وضع الأساس لصنع سياسات شاملة تعزِّز من التنمية المعتمدة على الابتكار، وتحقيق التقدُّم الاقتصادي المستدام في الإمارة».

ترسِّخ أنشطة الصناعات التحويلية مكانتها كأكبر مساهم غير نفطي في الاقتصاد الكلي في الإمارة؛ إذ بلغت قيمتها المضافة 30.1 مليار درهم، ما يعادل 9.8% من إجمالي الناتج المحلي، محقِّقةً نمواً نسبته 3.1% على أساس سنوي، وصولاً لأعلى قيمة ربع سنوية لها، ما يعكس نجاح استراتيجية أبوظبي الصناعية التي أدَّت إلى زيادة الناتج الصناعي بنسبة 23% منذ عام 2022، ونمو عدد المنشآت الصناعية بنسبة 19.4%، مع إسهام الاستثمارات في الصناعات المتطورة ونظام الترخيص المتقدِّم في تعزيز مكانة أبوظبي مركزاً صناعياً إقليمياً.

وارتفعت أنشطة التشييد والبناء بنسبة 9.7% خلال الربع الثاني من عام 2025 مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي، لتصل إلى قيمة قياسية بلغت 30 مليار درهم، ويمثِّل هذا القطاع 9.8% من إجمالي الناتج المحلي في الإمارة. ويعود نمو هذا القطاع إلى المبادرات الرئيسية التي أطلقتها الإمارة في مجالات تطوير البنية التحتية والإسكان. ومن أبرز هذه المبادرات منصة «بِناء» المعزّزة بالذكاء الاصطناعي، التي تقلِّل الوقت اللازم لإصدار تصاريح البناء بنسبة تصل إلى 70%. وهذا ما أظهرته قمة أبوظبي للبنية التحتية لعام 2025 بنجاحها في تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص عبر توقيع 15 اتفاقية استراتيجية.

وحقَّقت أنشطة المالية والتأمين نمواً بنسبة 10.3% خلال الربع الثاني من عام 2025 مقارنةً بالربع الثاني من عام 2024، لتصل قيمتها إلى مستوى قياسي جديد عند 21.8 مليار درهم، لتسهم بنسبة 7.1% في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة خلال هذه الفترة.

ويعكس هذا النمو صعود مكانة أبوظبي كمركز مالي إقليمي وعالمي؛ فقد شهد أبوظبي العالمي (ADGM) في النصف الأول من العام 2025 زيادة بنسبة 42% في الأصول المُدارة، وارتفاعاً بنسبة 47% في التراخيص الجديدة، ونمواً بنسبة 42% في عدد الشركات العاملة ليؤكد مكانته كأكبر وأسرع مركز مالي نمواً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وزادت قيمة التداول الإجمالية في سوق أبوظبي للأوراق المالية في النصف الأول من عام 2025 بنسبة 33.5%، وارتفع صافي الاستثمار الأجنبي في السوق بنسبة 99.5%، ما يعكس نمو ثقة المستثمرين الدوليين في اقتصاد أبوظبي، ويدعم استراتيجية الإمارة في قيادة خدمات المال والتكنولوجيا المالية وأسواق رأس المال.

وبلغت القيمة المضافة للأنشطة العقارية مستويات قياسية جديدة أيضاً، حيث وصلت إلى 11.7 مليار درهم في الربع الثاني من 2025، بزيادة سنوية قدرها 10.2% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، حيث بلغت مساهمة هذه الأنشطة 3.8% في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة خلال هذه الفترة. واستفاد هذا القطاع من النمو السكاني القوي وثقة المستثمرين الأجانب. ففي النصف الأول من عام 2025، ارتفعت التصرفات العقارية بنسبة 39% مع زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاع بنسبة 3.3% وتوسع قاعدة المستثمرين لتشمل 85 جنسية خلال النصف الأول 2025، وذلك عقب الزيادة الكبيرة التي بلغت نسبتها 125% في العام الماضي.

ووصلت القيمة المضافة لأنشطة المعلومات والاتصالات إلى 8.6 مليارات درهم، بنمو نسبته 6% على أساس سنوي، لتشكِّل 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة وهي أعلى قيمة ربع سنوية للقطاع. ويعكس هذا الزخم الناتج عن استراتيجية أبوظبي الرقمية للفترة 2025–2027 بقيمة 13 مليار درهم، وهي تهدف إلى أتمتة الخدمات الحكومية، وتنفيذ أكثر من 200 حل ذكاء اصطناعي، ويُعَدُّ أداء القطاع مثالاً على دور البنية التحتية الرقمية وسياسات الابتكار في دفع النمو المستدام.

وشهد قطاع تجارة الجملة والتجزئة توسُّعاً بنسبة 1.6% على أساس سنوي، حيث أسهم بـ16 مليار درهم، أو ما يمثِّل 5.2% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة. ويعكس هذا الأداء المستقر ارتفاع إنفاق المستهلكين ونشاط السياحة وزيادة قوية في التجارة غير النفطية، التي ارتفعت بنسبة 34.7% في النصف الأول من 2025، مع ارتفاع الصادرات بنسبة 64% مقارنةً بالنصف الأول من 2024.

وواصلت الخدمات المهنية والعلمية والتقنية في الإمارة النمو أيضاً بنسبة 10%، لتصل قيمتها المضافة إلى 9 مليارات درهم، وهو ما يمثِّل 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي. ويشير هذا النمو إلى زيادة الطلب على الخدمات المتخصِّصة والتحوُّل نحو اقتصاد المعرفة.

يعكس أداء القطاعات الأخرى نمواً متوازناً مع توسُّع أنشطة النقل والتخزين بنسبة 7.5% لتصل إلى 7.5 مليارات درهم، مدعومة بمراكز لوجستية، مثل المجمع اللوجستي والتخزين المتطور في مناطق خليفة الاقتصادية أبوظبي (كيزاد). وسجَّل قطاع الكهرباء والغاز والمياه أعلى نسبة نمو خلال الربع الثاني من هذا العام، بلغت 12.5% مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي، بفضل استراتيجيات الطاقة طويلة المدى التي تتبنّاها الإمارة، وسجَّل قطاع الفنون والترفيه نمواً بنسبة 12%، ما يعكس النشاط الثقافي والسياحي في الإمارة خلال هذه الفترة.

يعكس الأداء القوي في الربع الثاني من عام 2025 الزخم الذي حقَّقته الإمارة خلال الربع الأول من عام 2025، ويؤكِّد استمرارية ومرونة اقتصاد إمارة أبوظبي مع الأداء القوي للقطاعات غير النفطية الرائدة، مثل الصناعة والبناء والقطاع المالي والعقارات وتقنية المعلومات والاتصالات وتحقيقها قيماً غير مسبوقة في كلا الربعين، ما يُبرز قوة جهود التنويع الاقتصادي ونجاح استراتيجيتها في الإمارة. وتوضِّح هذه النتائج المتتالية مساراً تصاعدياً قوياً يقوده الوضوح في سياسات الإمارة والاستثمارات الاستراتيجية والرؤية المستقبلية الطموحة للحكومة. ومع تسارع التحوُّل الرقمي في أبوظبي، الذي يرتكز على رؤية الإمارة بأن تُصبح أول حكومة قائمة على الذكاء الاصطناعي في العالم، تواصل الاستراتيجية الاقتصادية بناء اقتصاد المستقبل الذي يتميز بالمرونة والشمول.