يفتتح متحف اللوفر أبوظبي معرض «كارتييه، الفنّ الإسلامي ومنابع الحداثة»، بالتعاون مع متحف الفنون الزخرفية ومتحف اللوفر ومؤسَّسة متاحف فرنسا، بدعم من دار كارتييه في الفترة من 16 نوفمبر 2023 إلى 24 مارس 2024، بهدف تسليط الضوء على الأثر الكبير للفنون الإسلامية في تصميمات كارتييه.

يُقام معرض «كارتييه، الفنّ الإسلامي ومنابع الحداثة» بتنسيق مشترك من جوديت هينون رينو، كبيرة الأمناء نائبة مدير قسم الفن الإسلامي في متحف اللوفر في باريس، وإيفلين بوسيمي، كبيرة أمناء قسم المجوهرات القديمة والمعاصرة في متحف الفنون الزخرفية سابقاً. وترتكز هذه النسخة من المعرض على معرض آخر كان قد نُظِّم بشكل مشترك بين متحف دالاس للفنون ومتحف الفنون الزخرفية في إطار تعاون مع متحف اللوفر، وبدعم من دار كارتييه بعنوان «كارتييه والفنّ الإسلامي: بحثاً عن الحداثة» (باريس-دالاس 2021-2022)، وتولّى تنسيقه هيذر إيكر، وجوديت هينون رينو، وإيفلين بوسيمي، وسارة شليونينج.

شهد مطلع القرن العشرين تزايد إعجاب المجتمع الأوروبي بالفن الإسلامي، ما أدّى إلى نمو سوق الأعمال الفنية والبحث الأكاديمي والمعارض التي سهَّلت تقديم التقاليد الفنية الخاصة بالشرق الأوسط وجنوب آسيا إلى الجماهير الأوروبية. وكان لويس كارتييه، حفيد مؤسِّس دار كارتييه، معجباً جداً بهذه التقاليد الفنية التي اكتشفها في المكتبات الباريسية، فعمل على اقتناء مجموعة كبيرة من روائع الفن الإسلامي، وإضافة لمستها الجمالية إلى إبداعات دار كارتييه منذ عام 1904. وفي عام 1911، سافر شقيقه جاك كارتييه إلى منطقة الخليج العربي للتعرُّف على سوق اللؤلؤ. وسافر أيضاً إلى الهند لدراسة سوق الأحجار الكريمة، وسعى إلى الاستفادة من المجوهرات القديمة والمعاصرة في مجموعة مقتنيات الدار.

وينطلق زوّار المعرض في رحلة عبر أقسامه المختلفة يستكشفون خلالها المصادر التي استمدَّ منها صائغو الحُليِّ الإلهام، مع تسليط الضوء على أساليبهم الإبداعية من خلال أكثر من 400 قطعة فنية من مجموعة مقتنيات متحف اللوفر أبوظبي، ومتحف الفنون الزخرفية ومتحف اللوفر ودار كارتييه، إضافةً إلى مجموعة من القطع الفريدة المعارة إلى المعرض من القصر الصغير ومتحف الفنون الجميلة في باريس.

وقال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي: «تتمثَّل المبادئ الأساسية التي يستند إليها المتحف في الإلهام والتبادل الثقافي والتواصل، وهذا ما يجسِّده معرض (كارتييه، الفنّ الإسلامي ومنابع الحداثة) بشكل رائع، فمن خلال هذا المعرض، سيتعرَّف الزوّار على روائع وعجائب التفاعل المذهل بين مختلف مجالات الفن الإسلامي والمجوهرات والهندسة المعمارية. ويُعَدُّ هذا المعرض، المُقام تحت قبة متحفنا الأيقونية وبين جدرانه حيث تزدهر روح الإلهام، برهاناً على الشراكة الناجحة طويلة الأمد التي تجمع بين مؤسَّستنا ودار كارتييه، ما يؤكِّد التزامنا بالاحتفاء بروعة وجمال الفن والثقافة الإسلامية، وهو مبدأ جوهري في سياق رسالة متحفنا العالمية. ومن خلال تقديم تجربة غامرة، لن يكتسب الزوّار فهماً أعمقَ للحداثة فحسب، بل سيتمكَّنون أيضاً من الحصول على مصدر إلهام متميِّز يتجسَّد في المهارة الحرفية المعقَّدة، والمواد الثرية، والقيمة الثقافية الكبيرة التي تحظى بها هذه الروائع الفنية».

وأوضحت جوديت هينون رينو وإيفلين بوسيمي أنَّ المعرض ثمرة ما يقرب من خمس سنوات من البحث في الأرشيفات والرسومات والصور الفوتوغرافية لاكتشاف الروابط التي تجمع بين إبداعات كارتييه والفنون الإسلامية، وتحديد المصادر التي استمدَّ منها الفنانون الإلهام، ما شكَّل فهماً عميقاً للعملية الإبداعية وانطلاقة في رحلة لاستكشاف التأثيرات التي ألهمت الفنانين تصميم عدد من القطع الأكثر ابتكاراً من المجوهرات الفرنسية.وأشارتا إلى أنَّ المعرض يبرز أهمية اكتشاف الفنانين الأوروبيين للفن الإسلامي في مطلع القرن العشرين، وكيف أسهمت لمسته الجمالية في إنتاج كثير من الروائع الفنية في أوروبا.

وقال غيليم أندريه، القائم بأعمال مدير إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي فى متحف اللوفر أبوظبي: «لطالما كان التأثير المُتبادل بين الثقافات عنصراً أساسياً في قصة اللوفر أبوظبي، وهو ما تشهد عليه قاعات العرض الدائمة والمعارض المؤقَّتة في المتحف. ويعدُّ معرض (كارتييه، الفنّ الإسلامي ومنابع الحداثة) خيرَ مثال على ذلك؛ فهو يبيِّن كيف يواصل الماضي إلهامَ الحاضر. لقد لمسنا التقدير البالغ الذي يُكِنُّه زوّار المتحف لبراعة الفنون الإسلامية وجمال زخارفها على مرِّ السنين. وسيحظى الزوّار بفرصة للتأمل في روعة الحِرف اليدوية التي تجمع بين تراث الفن الإسلامي الثري والابتكارات الإبداعية التي تميَّزت بها الورش الباريسية في القرن العشرين. ويقدِّم هذا المعرض فرصةً رائعةً للتفاعل مع مختلف فئات الجماهير، لا سيما مجتمع المصمِّمين المتنامي في دولة الإمارات العربية المتحدة».

وقال بيير رينيرو، مدير الصورة والأسلوب والتراث في كارتييه: «لقد أدى الفنُّ الإسلامي دوراً محورياً ترك من خلاله أثراً ملموساً وهيكلياً في أسلوب كارتييه الإبداعي منذ بداية القرن العشرين. وما زال هذا الأثر ممتداً ويتسع نطاقه حتى يومنا هذا؛ بفضل ثراء الأنماط الهندسية وتشكيلاتها المتعددة، ويسلِّط هذا المعرض الضوء على اللغة الحية لأسلوب كارتييه، ويُبرز بدوره مدى أهمية المجوهرات في مجال الفن. ويمنحنا المعرض أيضاً فرصة للكشف عن الروح الريادية الحقيقية التي تتميَّز بها كارتييه، إضافةً إلى دورها في نشأة الحداثة في بداية القرن العشرين».

تضمُّ أبرز مقتنيات اللوفر أبوظبي المعروضة على هامش المعرض لوحاً عاجياً منحوتاً مع مخطوطات (1334-1339، القاهرة، مصر)، وطَبقاً مزخرفاً بورق الساز الأزرق وأزهار التوليب المنقطة والورود (نحو 1580، إزنيق، تركيا)، وإناءً زجاجياً على شكل مصباح مسجد من تصميم جوزيف بروكار (1871، باريس، فرنسا)، بينما تشمل الروائع المُقدَّمة من متحف الفنون الزخرفية حوضاً لتيودور ديك (1863، باريس، فرنسا) وغلافاً وصفحة عنوان لرباعيات عمر الخيام (1912، باريس، فرنسا). وتتضمَّن أبرز القطع المُعارة من متحف اللوفر جزءاً من لوحة فسيفساء ذات زخارف هندسية (القرن الرابع عشر - القرن الخامس عشر)، وثلاث بلاطات من لوحة حائط (1550 - 1600، دمشق، سورية)، وعلب أقلام يُقال إنها تخصُّ ميرزا محمد مونشي، وعلبة أقلام باسم الشاه عباس (أواخر القرن السادس عشر - أوائل القرن السابع عشر، الدكن، الهند)، وصندوقاً (القرن التاسع عشر، إيران).

وتسهم دار كارتييه في هذا المعرض بمجموعة من الأعمال الخاصة على سبيل الإعارة تتضمَّن قطعاً من مجموعة مقتنياتها، بما في ذلك بروش (كارتييه باريس، 1913)، وطوق لتزيين الرأس (كارتييه نيويورك، طلب خاص، 1924)، وعلبة أدوات زينة (كارتييه باريس، 1924)، وعلبة سجائر (كارتييه باريس، 1930)، وقلادة هندوسية (كارتييه باريس، 1936). ويقدِّم القصر الصغير– متحف الفنون الجميلة في باريس- مجموعة استثنائية من الرسومات التي أبدعها تشارلز جاكو، وهو أحد المصمِّمين الأساسيين لدى دار كارتييه، والتي تشمل: رسومات لأحد التيجان، ودراسة عن الزخارف، ودراسات عن المشغولات المعدنية الإسلامية.

ويمتاز هذا المعرض المؤقَّت، المُقام قريب قاعات العرض الرئيسية، بمساحة رقمية غامرة، حيث سيتمكَّن الزوّار من استكشاف الأنماط الإسلامية والتعرُّف على عملية التصميم التي ينفِّذها الحرفيون، بدايةً من استلهام الأفكار من الفن الإسلامي، مروراً برسومات التصميم الأصلية، وصولاً إلى التكوين النهائي لقطع مجوهرات كارتييه.

وفي غرفتَيْن تتميَّزان بطبيعة غامرة، سيحظى الزوّار بفرصة للاستمتاع بمشاهدة أنماط متحركة، ما يمنحهم تجربةً بصرية آسرة بزاوية 180 درجة داخل هذا العالم الرقمي.

ومن المقرَّر أن تتزيَّن واجهة المتحف على هامش هذا المعرض بمجموعة من العروض التي تشمل أعمالاً فنية وصوراً فوتوغرافية تتجلّى فيها رحلات جاك كارتييه - من مرسيليا إلى أغرة، ومن بومباي إلى مسقط، ومن دبي إلى المحرق - لتصحب الزوّار في رحلة مليئة بالإلهام. وستزين هذه الصور، التي كانت يوماً مصدراً يُستلهم منه الإبداع في ورشة كارتييه، الهندسة المعمارية الرائعة التي يتميز بها المتحف تحت قبته الأيقونية.

يعتزم اللوفر أبوظبي تقديم مجموعة من البرامج الثقافية والتعليمية المتنوِّعة المُستوحاة من معرض «كارتييه، الفنّ الإسلامي ومنابع الحداثة» وستشمل الأنشطة التعليمية تنظيم جولات إرشادية، وبرامج تدريبية، وعطلة نهاية أسبوع عائلية، إضافةً إلى توفير كتيب للأنشطة.

وبإمكان الجمهور استكشاف المعرض من خلال وسائل مختلفة، متاحة باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية.وبإمكان الزوّار الانضمام إلى منسقتَي المعرض في جولة صوتية من خلال المشاركة في بودكاست المعرض، والذي سيكون متاحاً عبر منصات البث المباشر، إضافةً إلى الموقع الإلكتروني وتطبيق الهاتف الخاصَّيْن بمتحف اللوفر أبوظبي.