استكملت دائرة البلديات والنقل برنامجها للتحوُّل الشامل الذي استمرَّ لمدة عامين بنجاح، محققةً من خلاله نقلة نوعية في خدماتها وعملياتها التشغيلية لتعزيز الكفاءة والمنافذ الخدمية، ومقوّمات الابتكار بشكل عام.
ويمكن للمواطنين والمقيمين والشركات الاستفادة من هيكلية أكثر ترابطاً وبساطة في الخدمة، والتي تضمن اتساق الوصول إلى الخدمات وتقديمها عبر كافة البلديات التابعة، التي تضم بلدية مدينة أبوظبي، ومدينة العين، ومنطقة الظفرة، ويضمن هذا الإطار الموحَّد للمستخدمين الحصول على خدمات عالية الجودة، سواءً بشكل شخصي أو عبر منصة «تم».
وقال معالي محمد علي الشرفا، رئيس دائرة البلديات والنقل: «كانت غايتنا دوماً أن نجعل الإنسان والمجتمع محور كل ما نقوم به، وما هذا التحوُّل سوى انعكاس لتلك الرؤية، حيث يسهل الحصول على خدماتنا، وسرعة استجابتها، وتلبيتها لمختلف احتياجات وتطلعات النمو في الإمارة، ومع هذا الإنجاز الجديد، نواصل جهودنا لتقديم أعلى مستويات الجودة سواءً كانت للأفراد أو المؤسسات».
وأضاف معاليه: «يؤكِّد هذا التغيير التنظيمي عزمنا على ترسيخ مكانة أبوظبي الرائدة في الخدمات الحكومية؛ إذ تضافرت جهود أكثر من 8,000 موظف من مختلف إدارات دائرة البلديات والنقل والجهات التابعة لها لتحقيق هذه الرؤية الطموحة، مُجسِّدين بذلك قيمة وأهمية تكريس الموارد والخبرات كمحرك يدفع بعجلة التقدُّم والرفاه المعيشي في الإمارة».
وركَّزت دائرة البلديات والنقل عبر جميع مراحل برنامجها التحوُّليعلى بناء مجتمعات حيوية بمعايير معيشية عالية، من خلال التخطيط العمراني الشامل الذي يخصِّص الأراضي وفق أفضل الممارسات التي من شأنها تعزيز التنمية المستدامة ورفاهية المجتمع.
ومن أبرز إنجازات هذه المساعي إتمام المرحلة الأولى من استراتيجية نمط المعيشة في أبوظبي بنجاح، التي أُعلِنَ عنها الشهر الماضي، والتي أثمرت عن اعتماد ميزانية قدرها 42 مليار درهم لمجموعة من المشاريع الجديدة بإشراف الدائرة.
ومنذ إطلاق البرنامج التحوُّلي للدائرة في عام 2023، ارتفع متوسط نسبةتكامل المناطق من 67% إلى 81% بحلول عام 2025، وهو ما يعكس تقدماً ملموساً على صعيد تعزيز جودة الحياة في الإمارة، حيث تستفيد الدائرة من آراء المجتمع لدعم عمليات التخطيط العمراني والقرارات المرتبطة بوضع السياسات، ما يضمن تلبية الاحتياجات المتغيرة للسكان بأفضل صورة ممكنة.
وحرصت الدائرة خلال هذه العملية على تعزيز مشاركة مجموعة واسعة من الأفراد والمؤسسات من خلال ورش العمل والاستبيانات، مثل استبيان الحي المثالي، لتضمن بذلك توفير مساحة تدعم النمو والازدهار لجميع القاطنين والعاملين والمستثمرين في أبوظبي.
وخلال عام 2023، دمجت الدائرة جميع المهام العقارية البلدية في جهة مركزية متمثّلة بمركز أبوظبي العقاري، ما أدّى إلى تقليص مجموع الخدمات من أكثر من 250 خدمة إلى أقل من 100 خدمة. ومنذ ذلك الحين، أسهم مركز أبوظبي العقاري في تطوير سوق العقارات في الإمارة من خلال جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وحفز الازدهار الاقتصادي، ودعم الأهداف الحكومية. ومن أبرز إنجازاته إطلاق أول مؤشر إيجاري في أبوظبي، ومنصة «مضمون» لخدمات الإدراج المتعدد للعقارات، بهدف الارتقاء بمستوى الشفافية على مستوى القطاع.
وسجّل المركز زيادة في عدد التصرفات العقارية بنسبة 24% في عام 2024 بقيمة إجمالية بلغت 96.2 مليار درهم. وامتد هذا الزخم الإيجابي إلى الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث بلغت قيمته أكثر من 7.86 مليارات درهم على مدى العام. وفي الربع الأول من عام 2025، ظلَّ نشاط الاستثمار الأجنبي المباشر قوياً، حيث تمَّ تسجيل 384 صفقة وصلت قيمتها الإجمالية إلى 1.582 مليار درهم.
عزَّزت دائرة البلديات والنقل استراتيجيتها للبنية التحتية والمشاريع الرأسمالية من خلال تبنِّي نموذج جديد لسلسلة القيمة يدعم المرونة المالية، ويعزِّز سير العمل، ويرفع نتائج إنجاز وتسليم المشاريع عبر الإمارة؛ إذ يشمل هذا النموذج المتكامل جميع مراحل المشروع، بدءاً من التخطيط والتصميم وانتهاءً بأعمال الإنشاء والشراكات والصيانة المستمرة والإدارة، ما يضمن التوافق مع الأولويات الحكومية، مع زيادة الفائدة العينية على المدى الطويل.
ومن أبرز عناصر هذه الرقابة المُعزَّزة المراجعة الدائمة للمقترحات الرئيسية وتحديد أولوياتها، مع مراعاة الاحتياجات الحالية والمستقبلية لضمان توجيه الموارد لتحقِّق تأثيراً أفضل، حيث اعتمدت دائرة البلديات والنقل أدوات رقمية متطورة وتقنيات ذكية من شأنها زيادة الإنتاجية التشغيلية، ودعم المراقبة في الوقت الفعلي، والتخطيط التنبُّؤي، واتخاذ القرارات القائمة على البيانات، وتسهيل التنسيق بين أصحاب المصلحة لتعزيز الرؤية والمساءلة والنتائج بشكلٍ عام.
بالتوازي مع جهودها المتواصلة لدعم البنية التحتية، عزَّزت دائرة البلديات والنقل إدارة تراخيص البناء وشهادات الإشغال في الإمارة؛ إذ يوفِّر برنامج شهادة الإشغال والتقنين، الذي أُطلِقَ في إطار القرار الإداري لرئيس دائرة البلديات والنقل رقم (1) لسنة 2024، إطاراً واضحاً للارتقاء بمعايير البناء والسلامة، والذي نصَّ على تنفيذ البرنامج على ثلاث مراحل، بدءاً من إصدار شهادة إشغال مشروطة تُركِّز على معايير السلامة الأساسية، والتشجيع على الامتثال التدريجي مع حماية الاستثمارات العقارية، وتعزيز الشفافية والثقة بسوق العقارات.
من جهة أخرى، تُحقِّق منصة «بناء» التابعة للدائرة مزايا كبيرة لكافة أطراف قطاع البناء والإنشاء، بمن في ذلك مُلاك العقارات؛ فمن خلال دمج تقنيات مثل منصة نمذجة معلومات البناء (BIM) والذكاء الاصطناعي وتقنيتي الواقع الافتراضي والمعزّز، مكَّنت المنصة إجراء عمليات التدقيق والمراجعة البلدية بكفاءة أكبر، ما قلَّل أوقات إنجاز المعاملات بنسبة 70% عبر الإمارة.
واصلت دائرة البلديات والنقل والجهات التابعة لها استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات التخطيط العمراني والتنقُّل وتقديم الخدمات، مؤكدةً التزامها بإرساء مدن جاهزة للمستقبل.
في عام 2023، أطلقت الدائرة مركبات فحص ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وهي وحدات متنقّلة مصمَّمة للكشف بشكل تلقائي عن النفايات والقمامة ومشكلات الصيانة بشكل آني، ما يعزِّز كفاءة الخدمات البلدية ويضمن نظافة الأماكن العامة. وفي عام 2024، وسَّعت الدائرة نطاق تركيزها ليشمل أدوات التخطيط الذكية، مثل مشروع إدارة المدن واستراتيجية المعيشة باستخدام تقنيات التوأمة الرقمية والذكاء الاصطناعي، الذي يتميَّز بنموذج ديناميكي ثلاثي الأبعاد يحلِّل نمط المعيشة إلى درجات ويدعم التخطيط التنبُّؤي.
وكشفت دائرة البلديات والنقل خلال مشاركتها في معرض «جيتكس العالمي للتقنية 2025» عن «منصة المعيشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي»، وهي نسخة مطوَّرة من منصة التوأمة الرقمية بالتزامن مع إطلاق نظام «عين المدينة»، وهو إطار عمل تشغيلي قائم على الذكاء الاصطناعي يُسرِّع الاستجابة لحالات الطوارئ، ويعزِّز عمليات التفتيش والصيانة في المدن، ويتميَّز بقدرات الأوامر الصوتية والوظائف التنبؤية التي تُتيح التدخُّل الاستباقي لضمان كفاءة إدارة المدن. وفي مجال التنقُّل، استعرض مركز النقل المتكامل «النظام الآني للإدارة الذكية للسلامة المرورية»، الذي يشمل خريطة السلامة التفاعلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي تقوم برصد وتتبُّع النقاط الأكثر عرضة للحوادث والتنبُّؤ بالتصادمات المحتمَلة للحد من الحوادث المرورية.
واستعرضت الدائرة هذا العام أيضاً «روبوت تفتيش ذكي» مصمَّم لدعم المراقبة الميدانية والاستجابة للعمليات في الحدائق والمرافق الترفيهية، ويتميَّز بمجسّات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ما يعزِّز استخدام هذه التقنية في عمليات إدارة المناطق الحضرية.
تواصل بلديات مدينة أبوظبي ومدينة العين ومنطقة الظفرة الارتقاء بخدماتها وتوسيع نطاقها لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، بما في ذلك صيانة الحدائق والشواطئ، والحفاظ على صورة الإمارة، وتطبيق معايير الصحة العامة، مرتكزةً إلى تاريخها الحافل الذي يمتد أكثر من 50 عاماً في تقديم الخدمات وإدارة العمليات الحضرية.
وأثمرت إعادة الهيكلة التي خضعت لها دائرة البلديات والنقل عن تعزيز سلاسة العمليات التشغيلية، من خلال توحيد الخدمات لضمان تجربة موحَّدة للمتعاملين في جميع مناطق الإمارة، إضافة إلى توسيع نطاق مراكز التواجد البلدي تأكيداً على التزامها الراسخ بأن يكون المجتمع أساساً لجميع مبادراتها.
وحتى اليوم، تمَّ افتتاح 17 مركزاً للتواجد البلدي، مع خططٍ مستقبلية لزيادة أعدادها، بهدف تعزيز الحوار المفتوح بين الحكومة والمجتمعات المحلية، وعلى نحوٍ يضمن المشاركة الفاعلة في صنع القرارات.
وخلال برنامج التحوُّل الذي أطلقته دائرة البلديات والنقل، وفي عام 2024 تحديداً، أطلق مركز النقل المتكامل هُوية جديدة تحت مسمّى «أبوظبي للتنقل»، بالتزامن مع توسيع نطاق صلاحياته التنظيمية لتشمل النقل البري والجوي والبحري، إضافة إلى منح الترخيص للسائقين والمركبات.
وسجَّلت شبكة النقل العام في الإمارة خلال العام الماضي، أكثر من 90 مليون رحلة بالحافلات، وأكثر من 168,000 راكب عبر وسائل النقل المائي، وأكثر من 28 مليون مسافر جواً. وتجلّى هذا التقدُّم بشكل أكبر مع افتتاح محطات عبّارات جديدة في جزيرة العالية، ومرسى ومحطة عبّارات السعديات، ومرسى ربدان لتعزيز الوصول والترابط عبر شبكة النقل البحري في الإمارة.
وأحرزت الدائرة تقدُّماً ملحوظاً في جهود التنقل الذكي مع توسيع خدمات سيارات الأجرة ذاتية القيادة لتشمل جزيرتي الريم والماريه، لتصل نسبة تغطية المناطق الرئيسية في العاصمة نحو 50%.
ويعمل مركز النقل المتكامل (أبوظبي للتنقُّل) على تسريع التحوُّل إلى التنقُّل النظيف من خلال تسهيل تركيب 1,000 محطة شحن للسيارات الكهربائية في 400 موقع عبر أبوظبي والعين والظفرة، إضافة إلى خطط توسُّعية تهدف إلى تلبية الطلب المتنامي، وتحقيق الهدف المتمثّل بجعل نسبة المركبات الكهربائية 50% من إجمالي المركبات بحلول عام 2040.
وكشف المركز أيضاً عن استراتيجيته لجعل أبوظبي منطقة نقل عام أخضر بحلول عام 2030 من خلال برنامج الحافلات الخضراء الذي يهدف إلى تحويل نصف أسطول الإمارة من وسائل النقل العام إلى حافلات تعمل بالهيدروجين والكهرباء.