أطلقت دائرة الصحة – أبوظبي، الجهة التنظيمية لقطاع الرعاية الصحية في الإمارة، وتماشياً مع رؤية مجلس الإمارات للجينوم لتمكين تحول وطني نحو الرعاية الصحية الشخصية الدقيقة، أحد أكثر برامج الفحوصات الجينية للمواليد الجدد شمولاً على مستوى العالم في أبوظبي. وتترجم هذه المبادرة التزام الإمارة بالارتقاء بالإمكانات الطبية القائمة على علم الجينوم لتعزيز القدرة على اكتشاف وتشخيص الأمراض مبكراً، وتصميم التدخلات العلاجية الشخصية وتحسين المخرجات الصحية لأجيال المستقبل.

ويستخدم برنامج الفحوصات الجينية للمواليد الجدد تقنيات التسلسل الجيني الكامل لفحص أكثر من 815 حالة وراثية تصيب الأطفال ويمكن علاجها، بما يجعله أحد أكثر برامج الفحوصات الجينية شمولاً للمواليد الجدد في العالم. ومع توظيف إمكانات علوم الجينوم والذكاء الاصطناعي، تم تطبيق المرحلة الأولى من البرنامج بشكل اختياري في مستشفى كند ومستشفى دانة الإمارات للنساء والأطفال بالشراكة مع M42. ومن المقرر توسيع نطاق هذه المبادرة لتشمل جميع مستشفيات رعاية الأمهات والولادة لفحص جميع المواليد المواطنين وأبناء المواطنات في الإمارة، ما يرسخ ريادة أبوظبي في توفير الرعاية الصحية الوقائية والطب الدقيق.

ومن خلال جمع واختبار عينات دم الحبل السري عند الولادة بموافقة الوالدين، يتمكن مقدمو الرعاية الصحية من تحديد حالات صحية قد لا تظهر أعراضها عند الولادة، لكن تأثيرها على صحة الطفل يبقى أمراً وارداً عند التأخر في علاجها. ومن الحالات التي يتم فحصها في إطار البرنامج الاضطرابات الأيضية، ونقص المناعة، وأمراض الدم، والأمراض النادرة مثل ضمور العضلات الشوكي، والتي يمكن علاجها وتحسين جودة حياة المولود باستخدام العلاجات الجينية المتاحة وبوضع خطط رعاية شخصية لكل مولود مصاب في وقت مبكر من الحياة.

وقالت سعادة الدكتورة نورة خميس الغيثي، وكيل دائرة الصحة – أبوظبي: "تبدأ الرعاية الصحية قبل ظهور الأعراض، واليوم، وبفضل التقدم العلمي والتقني، بإمكاننا التدخل في وقت مبكر أكثر من أي وقت مضى. ويجسد هذا البرنامج التزام أبوظبي بتسخير الابتكار في خدمة مجتمعنا ابتداءً من أولى لحظات حياة أفراده. ومن خلال الكشف المبكر، والرعاية المصممة وفقاً للاحتياجات الفردية، والرؤية الاستشرافية، نبني مستقبلاً لأجيال أكثر صحة ونعزز مكانة أبوظبي كوجهة رائدة عالمياً في الرعاية الصحية الوقائية والدقيقة".

وقال الدكتور محمد العامري، مدير قطاع الجينوم والبنك الحيوي بالإنابة في دائرة الصحة – أبوظبي: "بينما نعمل على توظيف إمكانات علوم الجينوم ضمن بنيتنا التحتية الصحية الوقائية، نهدف مستقبلاً لتوسيع نطاق هذه المبادرة لتشمل جميع المستشفيات المتخصصة برعاية الأمهات والولادة في الإمارة، ما يسهم في إظهار قدرة علم الجينوم على رسم ملامح جديدة للرعاية الصحية، والتحوُّل من نموذج الرعاية التقليدي القائم على الاستجابة للأمراض إلى منهجية استباقية تضع الصحة والوقاية الشاملة على رأس قائمة أولويات الرعاية لترتقي بالمخرجات العلاجية للمرضى."

ودعماً لإطلاق البرنامج، نظمت دائرة الصحة – أبوظبي ورشة عمل لمراجعة اللوحة الجينية التي يشملها الفحص ورحلة المريض مع المتخصصين في الرعاية من المؤسسات الصحية المعنية في الإمارة. وتعاونت الدائرة أيضاً مع M42 لتدريب 16 من أطباء الأطفال وحديثي الولادة ضمن ثلاث مستشفيات لرعاية الأمهات والولادة وهي مستشفى الكورنيش ومستشفى دانة الإمارات للنساء والأطفال ومستشفى كند، على ممارسات المشورة الجينية وأهمية الفحوصات الجينية لحديثي الولادة. وتم تنظيم ورش عمل شاملة جمعت أطباء التوليد وكوادر القبالة والتمريض والفرق الفنية من هذه المنشآت.

وتصدر تقارير الفحوصات خلال 21 يوماً، حيث يتلقى أولياء الأمور المشورة الجينية وتتم إحالتهم لفريق رعاية متعدد التخصصات في حال التوصل لأي نتائج تحتاج لتدخل طبي.

ويمكّن الكشف المبكر من إتمام التدخلات الطبية في الوقت المناسب ما ينسجم مع استراتيجية أبوظبي لتوظيف علم الجينوم ضمن مختلف جوانب صحة الأسرة، بما يشمل فحوصات ما قبل الزواج والمشورة الجينية، ما يؤسس منظومة رعاية شاملة تركز على الأسرة. وتهدف مثل هذه المبادرات للحد من انتشار الأمراض الوراثية، والتوعية بالخيارات الإنجابية، وإتاحة التدخل الطبي المبكر وإرساء مستقبل قائم على الرعاية الصحية الشخصية والوقائية.

ويعدّ برنامج الفحوصات الجينية للمواليد الجدد إحدى المبادرات التي يتيحها برنامج الجينوم الإماراتي، مثل برنامج الفحوصات الجينية ما قبل الزواج، ومثالاً على كفاءة تسخير قدرات علوم الجينوم وأحدث التقنيات لاتخاذ قرارات مستنيرة. وتمهد هذه الجهود الطريق نحو تصميم علاجات أكثر دقة وفاعلية، بما يضمن تعزيز الصحة والعافية لأجيال المستقبل على المدى الطويل.