اجتمع قادة الشعوب الأصلية من مختلف أنحاء العالم في أبوظبي لحضور افتتاح القمة العالمية للشعوب الأصلية والطبيعة، في حدث تاريخي يُعد الأول من نوعه خلال تاريخ الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة الممتد على مدى 77 عاماً.
وعقدت القمة في إطار فعاليات المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة، وجمعت نحو 200 ممثل عن الشعوب الأصلية والحكومات والمنظمات الدولية والجهات المانحة، لتعزيز دور الشعوب الأصلية في صياغة برامج وسياسات التنوع البيولوجي والمناخ العالمية.
وأكدت القمة على الالتزام العالمي بالاعتراف بالشعوب الأصلية كحماة لأكثر من 80% من التنوع البيولوجي على كوكب الأرض، وبتضمين معارفهم وأنظمة حوكمتهم وتقاليدهم في قلب سياسات وممارسات الحفاظ على البيئة.
ونظمت القمة هيئة البيئة - أبوظبي بالتعاون مع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وشكلت فرصة لمواءمة المعرفة التقليدية مع العلوم الحديثة، سعياً لتحقيق الأهداف العالمية مثل إطار عمل كونمينغ-مونتريال للتنوع البيولوجي العالمي واتفاقية باريس لتغير المناخ.
ولأول مرة، شهدت القمة اجتماع كافة المنظمات الأصلية الأعضاء في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة لتحديد أولويات مشتركة للحفاظ على الطبيعة، وشهدت القمة افتتاح جناح الشعوب الأصلية في معرض المصاحب للمؤتمر، ليكون مساحة رمزية تدمج بين المعرفة والثقافة والعلوم، وتشكل قاعدة للحوار والتعاون طوال أيام المؤتمر.
وتحدث خلال القمة كلاً من سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي، المستشار الإقليمي للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في منطقة غرب آسيا، ونائب رئيس المجلس العالمي للهدف الـ14 للتنمية المستدامة، وسعادة رزان خليفة المبارك، رئيس الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والعضو المنتدب لهيئة البيئة – أبوظبي، والدكتورة غريثل أغيلار، المدير العام للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وراميرو باتزين، نائب رئيس الاتحاد وممثل الشعوب الأصلية في المجلس، وأنيتا تزك، قائدة من الشعوب الأصليين من شعب المايا ومديرة برنامج الشعوب الأصلية والحفاظ على الطبيعة في الاتحاد.
وقالت إلينا كوكس، الحائزة على جائزة أفضل 25 بيئياً تحت سن 25 والمتخصصة في دمج المعارف والممارسات التقليدية في عمليات صنع القرار: «كنت شاهدة على اعتماد الإطار العالمي للتنوع البيولوجي في كونمينغ–مونتريال (GBF)، لكن مشاركة الشعوب الأصلية كانت محدودة جداً في ذلك الوقت. وعلى الرغم من أن الهيئة الفرعية في مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 15) كانت بمثابة اعترافاً رسمياً بمعرفة الشعوب الأصلية، فإن هذا القمة في أبوظبي كانت رائدة، كونها أطول تجمع شهدناه من خلال ثلاثة أيام كاملة من الحوار والالتزام بأهداف المناخ، مما يجعلنا نشعر بأن أصواتنا مسموع، وكل ما تريده الشعوب الأصلية هو أن تُستمع أصواتهم، وبصفتي من قبيلة ميغاماك، أتطلع إلى مزيد من هذه التجارب».
وشارك في الحدث بوير تيمبي، الأمين الأول لشؤون الشعوب الأصلية في ولاية بارا بالبرازيل، وكيري ماكس، نائب مدير الشؤون العالمية في كندا، ولوسي مولينكي، الرئيسة المشاركة للمنتدى الدولي للشعوب الأصلية المعني بالتنوع البيولوجي، ونيلا-يوهان فالكياپا، نائب رئيس مجلس شباب البرلمان السامي في فنلندا، في حين انضمت الوزيرة سونيا غواخاخارا، وزيرة شؤون الشعوب الأصلية في البرازيل وممثلة الشعوب الأصلية في كوب 30، إلى القمة افتراضياً.
وقالت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري: «نجحت القمة في تسليط الضوء على ما يمكن تحقيقه عندما يتم الاستماع إلى أصوات السكان الأصليين، الذين تمكنوا من الحفاظ على أغنى النظم البيئية على الأرض لآلاف السنين. ونتشرف في دولة الإمارات العربية المتحدة باستضافة هذا التجمع العالمي الذي يحتفي بالجهود المشتركة التقليدية والعلوم الحديثة».
وقالت سعادة رزان خليفة المبارك: «بالنسبة للشعوب الأصلية، الطبيعة ليست سلعة، بل هي الهوية، ومصدر الحياة، والثقافة والانتماء».
وأضافت سعادتها: «تمثل هذه القمة علامة فارقة للحفاظ على الطبيعة على المستوى العالمي، حيث تُعد المعرفة والتقاليد الأصلية في صميم عملنا. معاً، نبني مستقبلاً تقود فيه القيادة الأصلية جهود حماية الطبيعة واستعادتها عالمياً».
وقالت غريثل أغويلار، المدير العام للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، إن القمة شكلت فرصة لترجمة الحوار العميق مع الشعوب الأصلية إلى إجراءات ملموسة، لضمان انعكاس أصوات الشعوب الأصلية عند صنع القرارات، وتكافؤ الوصول إلى التمويل، والاستفادة من الحكمة وأنظمة الحوكمة التي حافظت على الطبيعة عبر الأجيال، مؤكدة التزام الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة بالشراكة الحقيقية مع هذه الشعوب».
وفي أعقاب القمة، التقى قادة الشعوب الأصلية بالمضيفين الإماراتيين في صحراء أبوظبي لتبادل الخبرات والقصص عن التعايش مع الطبيعة، من غابات الأمازون والتندرا القطبية إلى رمال الجزيرة العربية، احتفاءً بالتقاليد المشتركة في الحفاظ على الطبيعة.
بعد حفل الافتتاح، انضم قادة الشعوب الأصلية إلى المضيفين الإماراتيين في صحراء أبوظبي في جلسة تبادل المعرفة، وهو حوار ثقافي وسياسي غير رسمي يهدف إلى ترسيخ الفهم المتبادل للأنظمة المعرفية التقليدية. وتضمنت الجلسة عروضاً تقديمية وسرداً قصصياً ونقاشات حول ممارسات التعايش مع الطبيعة من غابات الأمازون المطيرة والتندرا القطبية الشمالية إلى جزر المحيط الهادئ وشبه الجزيرة العربية، مسلطة الضوء على النهج المشتركة في الحفظ وإدارة الموارد المستدامة والحوكمة المجتمعية عبر النظم البيئية المتنوعة.
وتسهم رؤى هذا الحوار في تعزيز التعاون المستمر بين المجتمعات الأصلية وشركاء حفظ الطبيعة العالميين طوال فعاليات المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة وما بعده.
وتجدر الإشارة إلى أن القمة ساهمت في توجيه المناقشات خلال المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة، والمساهمة في صياغة برنامج الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة 2026–2029، مع تعزيز التعاون بين أهداف التنوع البيولوجي العالمي والمناخ وأهداف التنمية المستدامة.