في إطار سعيها إلى ضمان ديمومة احتياطات المياه الجوفية الصالحة للاستعمال في المستقبل لتأمين إمدادات المياه، وتعزيز الاستدامة في استخدامات المياه في إمارة أبوظبي، أصدرت هيئة البيئة – أبوظبي السياسة العامة لإدارة وتنظيم وحماية المياه الجوفية في الإمارة، والتي تستعرض فيها الحالة الراهنة للمياه الجوفية في أبوظبي، والتحديات والآثار المترتبة على استنزافها، كما تحدد المبادئ التي ارتكزت عليها والإطار القانوني.

وتهدف السياسة، التي أُعِدَّت تنفيذاً لأحكام القانون رقم 5 لسنة 2016 بشأن تنظيم المياه الجوفية في إمارة أبوظبي، إلى ضمان الاستخدام الأمثل للمياه الجوفية والحد من إهدارها، وضمان تحقيق معرفة شاملة بموارد المياه الجوفية، وتعزيز استخدام التقنيات، والوسائل، والممارسات الجيدة للري، والتي تحدُّ من استهلاك المياه الجوفية.

وتعدُّ المياه الجوفية من الموارد الطبيعية الرئيسة في إمارة أبوظبي، وتأتي نسبة الاستخدام الإجمالي للمياه العذبة (التي تشمل كلاً من المياه السطحية والمياه الجوفية الأحفورية) من إجمالي موارد المياه المتجددة المتوافرة، ضمن المؤشرات التي تقاس بها ندرة المياه، وذلك مع الأخذ بالاعتبار مصادر المياه غير التقليدية مثل المياه المحلاة، ومياه الصرف الصحي المعالجة.

في هذا الإطار، وبالرغم من أنَّ مؤشر ندرة المياه في الإمارة يعدُّ واحداً من أدنى المؤشرات في العالم، فإنَّ الإمارة تسجِّل أحد أعلى معدلات استهلاك الفرد للمياه. وتتمثَّل معظم مصادر المياه الجوفية في الخزانات الجوفية السطحية، وهي أكثر الخزانات شيوعاً من حيث الاستخدام والإنتاجية. وتعدُّ معظم خزانات المياه الجوفية في الإمارة خزانات غير متجددة.

وقالت سعادة د. شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة لبيئة – أبوظبي: «تشكِّل المياه الجوفية 60% من إجمالي مصادر المياه المستهلكة في الإمارة، وهي تُستخدَم بشكل أساسي لري المزروعات في القطاع الزراعي، وبصورة أقل لري المزروعات في الغابات والمتنزّهات. ومن أبرز التحديات التي تواجهها المياه الجوفية هي استنزاف المخزون، بحيث تتجاوز معدلات الاستخراج معدلات التغذية الطبيعية. ويسبِّب هذا الاستنزاف انخفاضاً في مناسيب المياه الجوفية، وتدهور نوعيتها في مناطق عدة، حيث أصبح 79% منها مياه عالية الملوحة، و18% منها مياه متوسطة الملوحة، في حين أنَّ 3% منها فقط تعدُّ من المياه العذبة».

وأضافت: «إنَّ تدهور جودة المياه الجوفية يؤثِّر في استخدامها، وخصوصاً قطاع الزراعة الذي يلعب دوراً مهماً في تحقيق الأمن الغذائي، وتحفيز الأنشطة الاقتصادية المرتبطة فيه. وهو يؤثِّر اقتصادياً عن طريق اللجوء إلى مصادر المياه الأخرى، مثل مياه التحلية والمياه المعاد تدويرها التي تتطلَّب استثمارات لنقلها وتوزيعها. فضلاً عن أنَّ زيادة ملوحة المياه الجوفية تؤدي إلى الحاجة لصيانة واستبدال شبكات الري، ما يزيد من التكاليف على المزارعين».

ولفتت الظاهري إلى أنه من الناحية البيئية، يتسبَّب تدهور جودة المياه الجوفية وانخفاض مناسيبها في اعتماد القطاع الزراعي على محطات التحلية الصغيرة التي تؤدي، بدورها، إلى إحداث آثار بيئية مختلفة، مثل ارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة. واستجابةً لهذه التحديات، أكَّدت أنَّ إمارة أبوظبي تعتمد من خلال هذه السياسة اتخاذ التدابير اللازمة لضمان الاستخدام المتكامل والفعّال للموارد المائية المختلفة، وذلك عن طريق الإدارة المستدامة، وتنظيم وإدارة المياه الجوفية ومراقبتها.

وتُطبَّق هذه السياسة في إمارة أبوظبي بإشراف هيئة البيئة – أبوظبي، من خلال التشاور والتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية، سواء الحكومية أو الخاصة، وتحليل الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتقنية والصحية والتنظيمية، استناداً إلى إجراءات منهجية ومنظمة من شأنها أن تسهم في تحقيق الأهداف. 

ومن المتوقَّع أن تحقِّق السياسة عند تطبيقها تأثيرات بيئية إيجابية، حيث يُتوقَّع أن يُسجّل انخفاض استخراج المياه الجوفية بكمية تصل إلى 650 مليون متر مكعب بحلول عام 2030، فضلاً عن تحسُّن في مؤشر جودة المياه الجوفية (محلياً واتحادياً)، وانخفاض معدل استخراج المياه في مقابل معدل التغذية من 24 ضعفاً إلى 16 ضعفاً بحلول 2030. كما يعزّز استخدام المياه المعاد تدويرها من تغذية المخزون الجوفي في المناطق التي تُستخدَم للري (من حيث النوعية والكمية).