تنفِّذ هيئة البيئة – أبوظبي مشروعاً لتتبُّع أسماك الكنعد بالأقمار الاصطناعية بالتعاون مع جامعة الإمارات العربية المتحدة، بهدف إدارة مصايد الأسماك المهاجرة في إمارة أبوظبي بشكل مستدام من خلال دراسة أنماط هجرة أسماك الكنعد وسلوكياتها في الخليج العربي، والتعرُّف على خصائصها البيولوجية مع تسليط الضوء على مواسم تكاثرها في مياه أبوظبي.

وسمكة الكنعد من الأسماك السطحية المهاجرة التي تنتقل في مجموعات صغيرة على أعماق مختلفة في البيئة البحرية، من منطقة إلى أخرى بحثاً عن بيئة غذائية ملائمة، وقد اختيرت للدراسة؛ لأنها ذات قيمة اقتصادية وغذائية وثقافية عالية، فهي أكثر الأنواع المهاجرة صيداً في إمارة أبوظبي، فضلاً عن أنَّ صيد الكنعد يحظى بشعبية كبيرة لدى هواة الصيد والمحترفين؛ إذ تنظِّم جهات عديدة متخصِّصة في الصيد الترفيهي بطولاتِ صيد أسماك الكنعد في الإمارة، لتعزيز الموروث الثقافي ومكانة الصيد البحري.

وتُعَدُّ تقنية تتبُّع الأسماك عبر الأقمار الاصطناعية من الطرق الحديثة لدراسة مسارات هجرة الأسماك والأنواع المهاجرة وأنماطها، إذ يُثبَّت جهاز التتبُّع على الزعنفة الظهرية للسمكة سريعاً بعد التقاطها، تجنُّباً لتعريضها إلى الإجهاد، ثم تُعاد إلى المياه لاستكمال دورة حياتها. ويتصل الجهاز بالقمر الاصطناعي ويرسل البيانات تلقائياً عند انفصاله عن السمكة بعد ستة أشهر، أو وفقاً للفترة الزمنية التي بُرمِج وفقها.

وقال سعادة أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي لقطاع التنوُّع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة – أبوظبي: «يُعدُّ مشروع تتبُّع أسماك الكنعد بالأقمار الاصطناعية الأول من نوعه في العالم، وعلى الرغم من تنفيذ مشاريع أخرى مشابهة لتتبُّع أسماك القرش والتونة وسمكة الملك ذات الزعنفة الصفراء وبعض أنواع الأسماك كبيرة الحجم في النرويج وأستراليا والولايات المتحدة، فإنه لا توجد دراسات سابقة على مستوى العالم لتتبُّع أسماك الكنعد، وقد يعود ذلك إلى صعوبة التقاط هذه السمكة وتركيب الجهاز على جسمها، فهذا يتطلَّب سرعةً وعنايةً فائقتين».

وأضاف: «إنَّ جسم سمكة الكنعد الأملس وحجمه الصغير نسبياً مقارنة بأسماك القرش والتونة يزيد من صعوبة هذه العملية، موضحاً أنَّ عمليات الصيد لأغراض البحث العلمي تختلف كثيراً عن الصيد التقليدي المعروف بين الصيادين».

وتبدأ عملية جمع البيانات عن حركة الأسماك بعد أن ينفصل الجهاز عن جسم السمكة تلقائياً ويطفو على سطح المياه، فيتصل بالقمر الاصطناعي ويبث معلومات مسار السمكة من نقطة إطلاقها، علماً بأنَّ الجهاز مضبوط مسبقاً لينفصل عن السمكة بعد مضي ستة أشهر، وقد ينفصل عنها لأسباب أخرى. وبعد انفصال الجهاز يباشر الفريق الفني جهود استرجاع الجهاز من المياه بالبحث عنه باستخدام أنظمة تحديد المواقع الجغرافية ومقياس الزوايا «جونيو ميتر»، لجمع المعلومات المسجَّلة فيه.

ورُكِّبت 8 أجهزة تتبُّع على أسماك الكنعد وأُطلقت في مياه أبوظبي من أصل 18 جهازاً مخصَّصاً لهذا المشروع. وستُثبَّتُ الأجهزة المتبقية في بداية موسم الكنعد لعام 2023، للحصول على البيانات اللازمة للدراسة وإعداد التقرير النهائي بمخرجات المشروع، مع التوصيات اللازمة لإدارة الموارد السمكية وتنظيم استغلال الأنواع المهاجرة في مياه الإمارة.

وتبيَّن من البيانات الأولية المسجَّلة في أحد الأجهزة المسترجَعة من المياه بعد انفصاله عن إحدى الأسماك في نقطة تبعد 100 كم عن نقطة إطلاقها، أنَّ السمكة قطعت مسافة 350 كم، أي ما يعادل 40 كم في اليوم، وبسرعة 1.8 كم في الساعة، ما يجعلها من الأسماك سريعة الحركة نسبياً عند مقارنتها بأنواع أخرى أُجرِيَت عليها دراسة أنماط الحركة، مثل أسماك المرلين التي بلغت سرعتها المسجَّلة 0.8 كم في الساعة. وسجَّل الجهاز أكثر من 2,000 قراءة خلال فترة التتبُّع التي استمرت 9 أيام أو ما يعادل 194 ساعة.