نيابة عن صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، دشَّن سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، خلال فعالية أُقيمَت في جزيرة صير بني ياس في أبوظبي، برنامج الإمارات لطاقة الرياح. ويعكس هذا المشروع المستدام حرص القيادة الرشيدة وإيمانها الراسخ بأهمية الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة، منذ إطلاق أوَّل مشروع من نوعه في دولة الإمارات ومنطقة الخليج من خلال إنشاء محطة توليد الطاقة بواسطة الرياح في جزيرة صير بني ياس عام 2004.

ويعتمد برنامج الإمارات لطاقة الرياح، والذي كُلِّفَت شركة «مصدر» بتطويره بقدرة إنتاجية تبلغ 103.5 ميجاواط، على أحدث التقنيات المتطورة والمبتكَرة التي تتناسب مع سرعة الرياح المنخفضة، وقد تمَّ تطويره وفقاً لأحدث الابتكارات في علوم المواد والتحريك الهوائي. ويسهم المشروع في إضافة إمدادات مشاريع طاقة الرياح بتكلفة مناسبة إلى شبكة الكهرباء المحلية، ما يُعزِّز مزيج الطاقة الوطني ويدعم جهود انتقال وتحوُّل الطاقة، ويمهِّد الطريق نحو المزيد من المشاريع الواعدة.

ويوفِّر برنامجُ الإمارات لطاقة الرياح الكهرباءَ لأكثر من 23 ألف منزل، ويسهم في تفادي انبعاث 120 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل إزاحة 26 ألف سيارة من الطرقات سنوياً. ويؤكِّد إنجاز هذا البرنامج التزام دولة الإمارات بالتعامل مع تداعيات تغيُّر المناخ، وتطلُّعاتها لاستضافة مؤتمرٍ للأطراف يضمُّ الجميع ويرُكِّز على تحقيق نتائج ملموسة.

البرنامج أُقيم في 4 مواقع تشمل جزيرة صير بني ياس في أبوظبي، حيث تحتوي على محطة رياح بقدرة 45 ميجاواط، ومحطة طاقة شمسية بقدرة 14 ميجاواط (عند الذروة)، لتوسيع نطاق مرافق طاقة الرياح والطاقة الشمسية الموجودة في الجزيرة، وتتوزَّع محطات طاقة الرياح الأخرى في كلٍّ من جزيرة دلما في أبوظبي بقدرة 27 ميجاواط، وبمنطقة السلع في أبوظبي بقدرة 27 ميجاواط، وبمنطقة الحلاه في إمارة الفجيرة بقدرة 4.5 ميجاواط.

وأكَّد سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان أنَّ الاستدامة والحفاظ على البيئة وصون مواردها منهجُ حياةٍ رسَّخه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، من خلال رؤيته العميقة لجوهر هذا المحور وتأثيره الكبير في تقدُّم الأمم والشعوب، بصفته مكوِّناً رئيسياً من المكوِّنات الحضارية لتاريخ البشرية.

وأشار سموّه إلى أنَّ الاستدامة، بمفهومها الشامل والكامل، طبَّقها الوالد المؤسِّس الشيخ زايد، طيَّب الله ثراه، في ممارسات عديدة ومؤشرات مختلفة نلمس نتائجها اليوم من خلال البرامج والمبادرات المتواصلة في هذا المجال.

وأضاف سموّه أنَّ دولة الإمارات تواصل اليوم السَّيْرَ على النهج نفسه وبالروح والعزيمة نفسها، منوّهاً بأنَّ المشاريع التي تنفِّذها الدولة في مجال الطاقة المتجدِّدة تأتي في إطار هذا النهج، مرتكزةً على الدعم المتواصل من صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ومتابعة سموّه الحثيثة بشأن تبنّي حلول الطاقة المتجدِّدة، وتعزيز جهود العمل المناخي من خلال إنشاء مشاريع طموحة لإنتاج الطاقة الصديقة للبيئة، تُضاف إلى قائمة مشاريع الطاقة المتجدِّدة في الدولة، ومن أهمها المحطة التجريبية التي أُقيمَت في جزيرة صير بني ياس لتوليد الطاقة بقوة الرياح عام 2004.

وأشار سموّه إلى أنَّ دولة الإمارات لديها سجِلٌّ حافلٌ في مجال الطاقة على مستوى المنطقة، حيث بادرت إلى تطوير حلول عملية في هذا المجال، وستواصل مساعيها لتحقيق التحوُّل المنشود نحو مصادر الطاقة النظيفة، مؤكِّداً سموّه تطلُّع دولة الإمارات إلى استضافة مؤتمر الأطراف (COP28) مستندةً إلى ريادتها في الاعتماد على مصادر متعددة لتوليد الطاقة المتجدِّدة، وتزويد عشرات الآلاف من المنازل بالطاقة، وتوفير العديد من فرص العمل، إضافةً إلى الإسهام في الحدِّ من الانبعاثات.

رافق سموّه خلال التدشين كلٌّ من معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الرئيس المُعيَّن لمؤتمر الأطراف (COP28) رئيس مجلس إدارة شركة «مصدر»، ومعالي المهندس عويضة مرشد المرر، رئيس دائرة الطاقة في أبوظبي.

من جانبه، قال معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر: «تماشياً مع توجيهات القيادة الرشيدة في العمل على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، يأتي إطلاق برنامج الإمارات لطاقة الرياح ليؤكِّد التزام الدولة الراسخ بتعزيز نشر حلول الطاقة النظيفة والحدِّ من الانبعاثات، ويعكس رؤية القائد المؤسِّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، الذي وجَّه قبل أكثر من 20 عاماً بتشييد أوَّل توربين رياح في جزيرة صير بني ياس. ويؤكِّد هذا المشروع ريادة (مصدر) في مجال توظيف تقنيات طاقة الرياح والطاقة المتجددة، وتطوير مشاريع مبتكَرة في هذا المجال. وبوصفها شركة إماراتية رائدة للطاقة النظيفة، تسهم (مصدر) في ترسيخ مكانة دولة الإمارات العالمية في مجال الاستدامة والعمل المناخي، من خلال رفع مستوى الطموحات واختبار أحدث التقنيات في مشاريع طاقة الرياح».

وأضاف معاليه: «تزامناً مع استعدادات دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف (COP28)، يحتاج العالم إلى مضاعفة قدرة إنتاج الطاقة المتجدِّدة ثلاث مرات بحلول عام 2030، لإنجاز أهداف اتفاق باريس، ويعكس هذا المشروع أهمية الجهود التي يجب بذلها لتحقيق انتقال منظَّم ومسؤول وعادل في قطاع الطاقة العالمي، ويسهم في تعزيز الاستثمارات في مشاريع الطاقة النظيفة محلياً وعالمياً».

ويسهم البرنامج في إضافة محطات طاقة الرياح على مستوى المرافق، ضمن مزيج الطاقة في دولة الإمارات، بعد تشغيل العديد من محطات الطاقة الشمسية والنووية، وتحويل النفايات إلى طاقة وإسهامها في تزويد الشبكة المحلية بالطاقة النظيفة. ورسَّخت دولة الإمارات لنفسها مكانةً رائدةً، بصفتها إحدى الدول الأكثر استهلاكاً للطاقة الشمسية في العالم، وفقاً للمراجعة الإحصائية للطاقة العالمية الصادرة عن معهد الطاقة خلال شهر سبتمبر 2023.

وحتى وقت قريب، لم تكن مشاريع طاقة الرياح على مستوى المرافق مجدية من الناحية التجارية؛ بسبب تدنّي مستويات سرعة الرياح في الدولة، إلا أنَّ الاعتماد على الخبرات الوطنية في دولة الإمارات، والتقنيات المبتكَرة في مجال المناخ جعلا تنفيذ برنامج الإمارات لطاقة الرياح ممكناً. فقد تمَّ استخدام توربينات بأحجام أكبر، والاستعانة بأجهزة متطورة بتكلفة أقل، واكتشاف ظاهرة مناخية فريدة تولِّد رياحاً شديدة في الليل، كل هذه العوامل جعلت المشروع قابلاً للتطوير ومجدياً من الناحية الاقتصادية. ولأنَّ الرياح في دولة الإمارات تصل إلى سرعة أعلى ليلاً، فإنَّ ذلك يعدُّ مصدراً إضافياً لتوليد الطاقة في الدولة إلى جانب الطاقة الشمسية، ما يدعم تنويع مزيج الطاقة المتجدِّدة في دولة الإمارات.

وتمَّ تنفيذ البرنامج بالتعاون مع أبرز الشركات العالمية المطوِّرة لحلول التكنولوجيا والشركات المصنِّعة لتوربينات الرياح، ما يمهِّد الطريق نحو تسويق المزيد من المشاريع المماثلة على مستوى المرافق ضمن المناطق التي تكون سرعة الرياح فيها منخفضة، ويشكِّل أول نموذج لاختبار سرعة الرياح وجمع البيانات العلمية بهذا الخصوص للاستفادة منها في تطوير المرحلة التالية من مشاريع طاقة الرياح في دولة الإمارات.

ومنذ تأسيسها في عام 2006، تسهم «مصدر» بدور رائد في دعم تطوير قطاع الطاقة النظيفة، حيث أطلقت قبل عَقْدٍ من الزمن محطة «شمس» بقدرة 100 ميجاواط، والتي كانت حينذاك أوَّل محطة للطاقة الشمسية المركّزة على مستوى منطقة الشرق الأوسط. وفي إندونيسيا، وصلت «مصدر» إلى المراحل النهائية من تطوير محطة شيراتا العائمة للطاقة الشمسية، وهي أكبر محطة عائمة للطاقة الشمسية في جنوب شرق آسيا. وفي الشهر الماضي، سجَّلت محطة الشارقة لتحويل النفايات إلى طاقة معالجة أكثرَ من 100 ألف طن من النفايات، وتفادي إطلاق أكثر من 150 ألف طن من الانبعاثات الكربونية منذ دخولها حيِّز التشغيل العام الماضي. وتعدُّ هذه المحطة، الأولى من نوعها على مستوى المنطقة، مشروعاً مشتركاً بين «مصدر» و«بيئة»، الرائدة في الاستدامة في المنطقة.

وتنشط «مصدر» في أكثر من 40 دولة، وتستثمر في محفظة مشاريع طاقة متجددة تتجاوز قدرتها الإنتاجية 20 جيجاواط. وتستهدف الشركة تعزيز قدرتها الإنتاجية لتصل إلى 100 جيجاواط من الطاقة المتجدِّدة بحلول عام 2030.