أطلق المجلس الأعلى للأمومة والطفولة برنامج «حاميات التراث 2.0»، بهدف إعداد جيل من الحِرفيات يسهمن في الحفاظ على التراث الإماراتي وتعزيزه من خلال تدريبهنَّ على الحِرف التقليدية، للحفاظ عليها من الاندثار، وضمان استمراريتها ونقلها لأجيال المستقبل.
وينفَّذ البرنامج بالتعاون مع مركز الصناعات التراثية والحرفية التابع للاتحاد النسائي العام، في إطار حِرص المجلس الأعلى للأمومة والطفولة على صون الموروث الثقافي وتعزيز الهُوية الوطنية لدى الأجيال الناشئة.
ويسعى برنامج «حاميات التراث 2.0» إلى تدريب دفعة من الفتيات، تترواح أعمارهن بين 8 و15 عاماً، على الحِرف التقليدية الإماراتية، حيث تتولى تدريبهن نخبة من الحِرفيات المتخصصات من فريق «حاميات التراث»، الذي أُسِّسَ عام 1975 كأول مركز تخصُّصي للحِرف في الدولة، ليكون منارة للحفاظ على الأصالة ونقل المعرفة.
وتتعرَّف المشاركات خلال البرنامج على مجموعة من الفنون والحِرف الأصيلة، التي تشمل صناعة العطور والدخون، والتلي، والفروخة، ونقش الحناء، وأصول الضيافة، وفنون الطهي، وتحضير القهوة الإماراتية، ما يفتح أمامهن آفاق الإبداع، ويعزِّز ارتباطهن بجذورهن الثقافية.
ويتزامن إطلاق برنامج «حاميات التراث 2.0»، وهو النسخة المخصَّصة للفتيات الصغار، مع شعار يوم الطفل الإماراتي للعام 2025 «الحق في الهُوية والثقافة الوطنية»، ما يجسِّد مفهوم الربط بين الأجيال من خلال تعريف اليافعين بتراثهم الأصيل، وتنمية تقديرهم لقيمه وجمالياته، وضمان استمراريته جزءاً حيّاً من هُوية الإمارات الثقافية.
ويعمل مركز الصناعات التراثية والحرفية في الاتحاد النسائي العام على إحياء التراث والمحافظة عليه، والإسهام في تمكين المرأةمن خلال توفير فرص التدريب والعمل في مجال الصناعات التراثية، ما يعود عليها بالنفع ويسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي لها، ونشر الوعي الثقافي من خلال تعريف المجتمع بأهمية التراثوتاريخه وربط الأجيال الجديدة به، وتطوير الصناعات التراثية بدمج الحِرف التقليدية معالتصميم الحديث وابتكارمنتجات جديدة تتناسب مع متطلبات العصر، إلى جانب بناء الشخصية الوطنية، عبر تعزيز الهُوية الوطنية والاعتزازبالتراث الإماراتي. كما يشارك في العروض التراثية والمهرجانات والفعاليات المختلفة، وورش عمل لتعليم الحرف اليدوية للأطفالواليافعين والشباب، وكذلك المعارض والأسواقللتعريف بالمنتجات التراثية وبيعها، وتطوير منتجات حرفية مبتكرة تجمع بين الأصالة والحداثة.
ويواكب «برنامج حاميات التراث 2.0» رؤية مركز الصناعات التراثية والحرفية في الاتحاد النسائي العام، الذي أسَّسته وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عام 1978 بمبادرة من سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، ليعمل على تجسيد الماضي وتأكيد أصالته وترسيخ الهُوية الوطنية لدى أبناء وبنات الإمارات، وتحقيق مجموعة من الأهداف تتضمَّن إحياء التراث والمحافظة على مكتسباته من الاندثار، وإنشاء قاعدة ثقافية لدى المجتمع وتعريف الأجيال الناشئة بالإرث الحضاري للدولة وتراث الأجداد، والاستفادة من مهارة ذوات الخبرة في مجال الأشغال التراثية، وإتاحة الفرصة لهن للإنتاج الذي يعود عليهن بالنفع، وخاصة ذوات الدخل المحدود.
يضمُّ المركز عدداً من المشاغل المتخصصة في الصناعات التقليدية والحِرف اليدوية التي امتهنتها المرأة قديماً في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويعمل فيها عدد من حاميات التراث وخبيرات من كبار السن، يقمنَ بصناعة المشغولات التراثية وتطويرها، وتدريب المواطنات الراغبات على هذه الصناعات والحِرف، حيث يركِّز كلُّ مشغل على حِرفة يدوية معينة، مثل (التلي، والخوص، والسدو، والخياطة والتطريز، والفنون اليدوية الحديثة)، إضافة إلى معرض دائم يجسِّد أنماط الحياة اليومية للأسرة الإماراتية القديمة.
ويأتي إطلاق برنامج «حاميات التراث 2.0»، الذي تمَّ توسيع نطاق تنفيذه إلى خارج مدينة أبوظبي وضواحيها، ليشمل قرى الإمارات ومن بينها منطقة قدفع في الفجيرة، خلال الفترة من 4 إلى 8 أغسطس 2025 بالتعاون مع مجلس الإمارات للتنمية المتوازنة، في إطار يوم الطفل الإماراتي الذي انطلق في 15 مارس 2025، ويستمر على مدى العام.
وتضمَّن البرنامج ورش عمل في منطقة العين من 11 إلى 15 أغسطس 2025، بالتعاون مع «مجالس أبوظبي»، خُصِّصَت للفتيات من عُمر 10 إلى 14 عاماً، وهي ورشة «القهوة والجامي» في مجلس الطوية، وورشة «الأزياء والمجوهرات في التراث الإماراتي» في مجلس المرخانية، و«الفروخة» في مجلس القوع، و«الدخون والعطور» في مجلس الريف.
وقالت سعادة الريم بنت عبدالله الفلاسي، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة: «إنَّ إطلاق برنامج حاميات التراث 2.0، تمَّ بتوجيهات سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات)، لتعزيز جهود ترسيخ الاهتمام بتراث الإمارات وموروثها الثقافي وتكثيفها، ما يُسهم في حمايته وحفظ دوره في حياة المجتمع، وضمان نقله وتوارثه من جيل إلى جيل، ليظلَّ على الدوام أحد الشواهد على عراقة تاريخ الإمارات وأصالة جذورها وانتماء أبنائها».
وأضافت سعادتها: «إنَّ المجلس يحرص خلال فعاليات البرنامج على توفير جوٍّ تفاعليٍّ متكامل للمشاركين، بشكل يمكِّنهم من معايشة مقوّمات التراث وممارستها ضمن أنشطة حياتهم اليومية، وأخذها عن الأمهات والجدات اللواتي حافظن على فنون وحِرف الآباء والأجداد، لتوفير مقوّمات الحياة البسيطة آنذاك، حيث أدَّت المرأة الإماراتية دوراً أساسياً في تسهيل حياة الأسرة وتمكينها من مواجهة الظروف المختلفة».
وأكَّدت سعادة الفلاسي أنَّ تمكين الأطفال والناشئة من بنات وأبناء دولة الإمارات من الانخراط في التقاليد والموروث التراثي يقوّي الروابط الأسرية، ويساعدهم على فهم ثقافتهم الخاصة وتقديرها، ويعزِّز قدرتهم على التفاعل مع ثقافات الآخرين واستيعابها، الأمر الذي ينمّي لديهم قيم التعايش والتسامح واحترام شعوب العالم وثقافاتها، داعيةً الأهالي إلى تشجيع أبنائهم وبناتهم للالتحاق بهذه الأنشطة والفعاليات التي تعزِّز في نفوسهم حبَّ الوطن والانتماء إليه والولاء والإخلاص لقيادته الرشيدة.