بدأت هيئة الأوقاف وإدارة أموال القصَّر «أوقاف أبوظبي» التمويل المستمَد من حملة «وقف الحياة»، بعد النجاح الذي حقَّقته الحملة بتجاوز مستهدفها الممتد لخمسة أعوام، والمتمثّل في جمع مليار درهم خلال أقل من شهر واحد، بفضل مساهمات أكثر من 200,000 متبرِّع.
تشكِّل هذه الخطوة نقلة نوعية من جمعِ المساهمات إلى مرحلة تحقيق الأثر، حيث تبدأ «أوقاف أبوظبي» في توزيع العوائد الأولى المتولدة من الأصول الوقفية، إلى جانب الإسهامات، لدعم الحالات الطبية الحرجة بشكل مباشر. وبالتعاون مع دائرة الصحة – أبوظبي، حدَّدت «أوقاف أبوظبي» قائمة تضمُّ 140مريضاً ، لتوجيه التمويل مباشرة إلى الفئات الأكثر حاجة.
تبرز الحملة نموذجاً مالياً استراتيجياً يقوم على استثمار رأس المال الخيري لإنتاج تدفقات دخل مستدامة تضمن استمرارية خدمات الرعاية الصحية للأجيال المقبلة. فقد بدأت عوائد الوقف تُوظَّف فعلياً في تغطية تكاليف علاج الأمراض المزمنة، وتعزيز البنية التحتية الصحية، ودعم الابتكار الطبي، مع إعادة استثمار رأس المال لزيادة حجم الصندوق وتعزيز مرونته على المدى الطويل. وتُكرِّس الحملة دعمها للفئات الأكثر احتياجاً في المجتمع، من أصحاب الأمراض المزمنة وأصحاب الهمم لضمان وصول الرعاية الصحية لمن يحتاجون إليها بصورة مُلِحَّة ومستدامة.
وقال سعادة فهد عبدالقادر القاسم، المدير العام لـ«أوقاف أبوظبي»: «يمثِّل بدء التمويل من حملة وقف الحياة خطوة محورية في تحويل العطاء إلى قيمة دائمة». وأضاف سعادته: «لقد بدأنا في توجيه العوائد الأولى من الأصول الوقفية، وفق أولويات واضحة وبيانات دقيقة، لمعالجة الحالات الطبية الأكثر إلحاحاً لأكثر من 140 مريض. هذا هو جوهر الوقف في صورته الحديثة: أداة مالية تولِّد موارد مستدامة، وتنعكس مباشرة في دعم الحياة الاجتماعية».
وأكَّد سعادته أنَّ النجاح الكبير للحملة يمثِّل نقطة تحوُّل في مفهوم الوقف الحديث والمستدام، موضِّحاً أنَّ «وقف الحياة» أطلق مشاريع وقفية متنوّعة ومبتكَرة بالشراكة مع مؤسسات وطنية رائدة، وأدارها وفق منهجية مالية تركِّز على تعظيم العوائد، وضمان الاستدامة طويلة الأمد.
وتُشرف دائرة الصحة – أبوظبي على منهجية تحديد الحالات المرضيّة المستحِقّة من خلال آلية تُمكن المنشآت الصحية من التواصل بشكل مباشر مع الدائرة بشأن المرضى الذين يحتاجون للدعم في تغطية علاجهم. وتستند هذه الآلية إلى معايير محددة ودقيقة تتماشى مع أفضل الممارسات، وتراعي الحالة الطبية، والعدالة في تقديم الدعم، حيث يقوم الفريق المختص في الدائرة بدراسة الطلبات الواردة من المنشآت الصحية وتحديد الحالات المستحقة للدعم. ويجسد هذا النهج المعتمد على البيانات تكاملاً استراتيجياً بين السياسات الصحية ورأس المال الخيري، بما يرسخ نموذجاً مبتكراً ورائداً في توجيه عوائد الوقف، يضمن الإغاثة الفورية للمرضى وتحقيق الاستدامة على المدى الطويل.
وقالت سعادة الدكتورة نورة خميس الغيثي، وكيل دائرة الصحة – أبوظبي: «نعتز في دائرة الصحة - أبوظبي بالنجاح الاستثنائي الذي حققته حملة (وقف الحياة)، وذلك بفضل دعم شريكنا الاستراتيجي أوقاف أبوظبي، ومساهمة الشركاء الذين آمنوا بهدف الحملة النبيل. وتعكس حملة (وقف الحياة) قيم العطاء والتلاحم الاجتماعي الراسخة في دولة الإمارات، وتمكننا من تقديم خدمات صحية متخصصة ومتكاملة وفعالة لينعم بها أفراد المجتمع. ولا شك أن هذه المبادرة تقدم دليلاً قويّاً عن الجهود المستمرة لدائرة الصحة – أبوظبي لحماية صحة وعافية كل فرد في المجتمع، وترسخ في ذات الوقت مكانة أبوظبي كوجهة رائدة عالمياً للتميز في الرعاية الصحية».
وانطلاقاً من مساهمتها السخية البالغة خمسين مليون درهم في بداية الحملة، عزَّزت «بيورهيلث» دورها في هذه المرحلة عبر تخصيص نخبة من أطبائها وفِرقها الطبية للتطوُّع بوقتهم وخبراتهم في دعم المرضى الذين حدَّدتهم دائرة الصحة. ويوضِّح هذا الالتزام أنَّ «وقف الحياة» يحمل قوة مزدوجة تجمع بين الاستدامة المالية والرحمة الإنسانية، عبر دمج التدفقات المالية المستمرة مع الأثر المباشر للرعاية الطبية في الخطوط الأمامية.
وقال فرحان ملك، المؤسس والعضو المنتدب في مجموعة «بيورهيلث»: «تُجسد حملة (وقف الحياة) رؤية أبوظبي وقيمها الإنسانية الراسخة، التي تعكس إرث الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. ما يجعل هذا الإرث منارة خالدة ترشدنا لخدمة الإنسانية وبناء مستقبل لمجتمعنا يقوم على أسمى معاني الرحمة والتعاطف والازدهار. ونؤمن في (بيورهيلث) بأنّ مفهوم الرفاه الحقيقي يتجاوز حدود الصحة الجسدية، فهو يشمل تطوير علم إطالة العمر الصحي والرخاء وتلاحم المجتمع. ومن خلال هذه المبادرة، نفخر بأن نُسهم في مستقبلٍ تجتمع فيه معاني الكَرَم وأدوات الابتكار لخلق أثر إنساني مستدام، يضمن مواصلة مسيرة العطاء لتكون مصدر إلهام للأمل، ودافعاً لتغيير حياة الأجيال القادمة نحو الأفضل».
وقال سعادة فهد عبدالقادر القاسم: «لقد أسَّست كلُّ مساهمة قاعدة صلبة لدعم مستمر. نحن نحمي اليوم صحة الأسر، ونبني في الوقت نفسه إطاراً يضمن استدامة الرعاية الصحية للأجيال المقبلة. وأتوجَّه بجزيل الشكر لكلِّ من أسهم في هذه الحملة، بدءاً من قيادتنا الرشيدة إلى روّاد العمل الخيري وأفراد المجتمع، وأدعو الجميع لمواصلة المساهمة في هذا الإرث؛ فمع كلِّ مساهمة جديدة، نوسِّع دائرة الأثر، ونلامس حياة المزيد من الناس، ونزرع الأمل، ونرسم ملامح مستقبل صحي أفضل».
تواصل حملة «وقف الحياة»، التي انطلقت تحت شعار «معك للحياة»، استقبال المساهمات. ومن خلال إدارة استثمارية مبتكَرة، وروح التضامن التي تميِّز مجتمع دولة الإمارات، تضمن «أوقاف أبوظبي» أن يتحوَّل عطاء اليوم إلى شريان حياة صحي مستدام للغد.