اختتم مركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية – إيواء، التابع لدائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، فعاليات النسخة الأولى من مؤتمر العلاج بالفن، الذي ناقش فيه الخبراء تطبيقات العلاج بالفن وأساليبه واستراتيجياته في الشفاء من الصدمات النفسية وغيرها من حالات العلل العقلية والنفسية.

عُقِدَ المؤتمر تحت شعار «التمكين من خلال الإبداع» يومي 17 و18 أكتوبر 2023، في فندق إرث في أبوظبي، وشكَّل نقطة تحوُّل في مجال العلاج بالفن في المنطقة، مبرزاً دوره أداةً محورية لتحسين الصحة النفسية والعاطفية للإنسان.

وعرض متخصِّصو العلاج بالفن في المؤتمر تقنيات العلاج بالفن والموسيقى والدراما والرقص والعلاج الحركي، لمساعدة المصابين بصدمات نفسية، وأكَّدوا أهمية طرح أساسيات العلاج بالفن بأسلوب مناسب لثقافة المنطقة، من أجل تحقيق أقصى فائدة ممكنة، وجعله أكثر كفاءة وفاعلية في تلبية احتياجات المجتمعات العربية.

حضر المؤتمر أكثر من 1,020 شخصاً، وشارك فيه 23 متحدثاً من أهم المتخصِّصين في المجال، فضلاً عن استقطابه 56 جهة مرموقة. وقدَّم المؤتمر 10 ساعات من ورش العمل التفاعلية الملهمة للمتخصِّصين و6 أنشطة تفاعلية حيَّة.

وقالت سعادة سارة إبراهيم شهيل، المدير العام لمركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية «إيواء»: «العلاج بالفن موجود في العالم منذ أجيال، لكنه أسلوبٌ علاجيٌّ ناشِئٌ في منطقتنا، ولا ريب أنَّ مؤتمر العلاج بالفن، الأول من نوعه في المنطقة، يشكِّل فرصة مهمة لرفع الوعي بأهمية الفن بصفته أداةً لتحسين قدرة الإنسان على الشفاء. ولاقى هذا الحدث إقبالاً كبيراً، واستقطب متحدثين من مختلف دول العالم، وكان منبراً لتبادل الأفكار والآراء، ومحطةً لتطوير هذا المجال بما يعود بالنفع على الجميع».

وقال الدكتور عوض مبارك اليامي، من المملكة العربية السعودية، الخبير المتخصِّص في العلاج بالفن منذ 30 عاماً: «لطالما تمنَّيت انعقاد حدث من هذا النوع، وكان مؤتمر العلاج بالفن هديةً لي على المستويين الشخصي والمهني. ولا ريب أننا سنرى مزيداً من التقدُّم في هذا المجال في المستقبل؛ فهو يشهد تطورات مستمرة مقارنة بما كان عليه قبل 30 عاماً أو أكثر، حين بدأت العمل فيه. قد يكون التقدُّم بطيئاً أحياناً أو يتسارع في أحيان أخرى، وهذا أمر طبيعي؛ لأنه مجالٌ جديدٌ نسبياً، لكن أثق بأننا سنشهد تقدُّماً أكبر فيه مستقبلاً، وقد نرى تعاوناً أكبر مع الجهات الحكومية والمؤسَّسات التعليمية وغيرها، لبناء المعارف والخبرات بطريقة تخدم المجتمع بشكل أفضل».

وأعربت الدكتورة قمر بهبهاني، مؤسِّسة شركة «شور الاستشارية»، أوَّل اختصاصية معتمَدة في مجال العلاج بالفن في الكويت، عن فخرها بتمثيل بلدها في هذا المؤتمر، وقالت: «هذا الحدث وما تضمَّنه من مشاركة للمعارف والخبرات محطة مهمة بالنسبة إلينا نحن المختصين بالعلاج بالفن، لا سيما أنه الأوَّل من نوعه في الشرق الأوسط. وأرى أنه بداية لمرحلة جديدة ومشرقة، ولمزيدٍ من الأبحاث والتطوير. إنه نقطة انطلاق لمزيدٍ من الإبداع والتعاون والعمل معاً من أجل أفضل مستقبل ممكن». ودعت الدكتورة قمر في حديثها إلى تأسيس رابطة المعالجين بالفن في الشرق الأوسط، لعقد مؤتمرات سنوية عن هذا الموضوع، وقالت: «نحن بحاجة إلى عقد مزيدٍ من الفعاليات السنوية، لضمان تبادل الخبرات والمعارف، وتمكين المهتمين في المجال من تعلُّم مهارات جديدة، فضلاً عن أننا بحاجة إلى وجود منصة أو رابطة تمثِّل المختصين بهذا النوع من العلاج في منطقة الشرق الأوسط، والمناطق الأخرى في العالم».

وأكَّدت سارة باول، اختصاصية العلاج بالفن، مؤسِّسة مركز «إيه تي آي سي» للطب النفسي والاستشارات في دولة الإمارات العربية المتحدة، أنَّ المؤتمر يساعد على نشر الوعي بأهمية العلاج بالفن، فهو أداة لمساعدة الناس على التواصل والتعبير عن أنفسهم من دون الكلمات. وقالت: «من المهم أن نفهم الفوائد العلمية للعلاج بالفن، لدينا فئة كاملة في المجتمع غير قادرة على التعبير بالكلمات، ولذلك من المهم أن نفكِّر في كيفية مساعدتهم. إن كان الحل هو العلاج فقط من خلال الحوار، فستكون قدرتنا على مساعدة المرضى محدودة، ولهذا فالعلاج بالفن يقدِّم وسيلة أخرى مفيدة للتواصل، وأرى أنَّ دولة الإمارات العربية المتحدة قد فتحت الباب لبناءِ مستقبلٍ أفضلَ لمجال العلاج بالفن، الذي يشهد نمواً وتوسُّعاً أكبر في المنطقة. وسنرى مزيداً من التقدُّم والنمو في المستقبل».

وقالت ناتاليا جوميز كارلييه، اختصاصية العلاج بالفن، المقيمة في دولة الإمارات، موضِّحةً أهمية مراعاة العوامل الثقافية عند العلاج بالفن: «أعمل أنا وسارة من أجل مواءمة طريقة عملنا لتتناسب مع ثقافة دولة الإمارات، فعلى سبيل المثال، حين نأخذ دراسة غربية (علماً بأنَّ الدراسات الأكثر تطوُّراً تأتي من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية) ونحاول تطبيقها هنا، قد لا ينجح معظمها، وبعضها لا يناسب المنطقة ثقافياً، ولذلك يجب أن نتعامل مع هذه الأمور بعناية كبيرة ونعمل على تغيير أسلوب العلاج ليناسب الثقافة المحلية، وعلى الرغم من أننا قد تدرَّبنا في الغرب، فإننا لدينا الوعي الكافي لتقديم الأمور بطريقة تتوافق مع البيئة المحلية».

وأعربت اختصاصية العلاج الحسي الحركي بالفن، الأسترالية كلير جيردن، عن سعادتها بالاهتمام الكبير الذي أبداه زملاؤها من المنطقة في مجال العلاج بالفن، وقالت: «أنا سعيدة برؤية هذا المستوى من الاهتمام من زملائي المعالجين في المنطقة، وبمدى حماسهم وشغفهم بهذا المجال، وأرى أنَّ المستقبل واعد بكثير من الأبحاث الغنية في مجال العلاج بالفن».

وتضمَّن المؤتمر العديد من الجلسات الملهمة بمشاركة كبار المتحدثين، إلى جانب أربع ورش عمل تمحورت حول التعافي من الصدمات من خلال الرسم الموجَّه، بصفته أسلوباً حسياً حركياً، لتعزيز الوعي بالجسم، ودور الجانب الروحاني للعميل خلال علاجه بالفن في مسيرة التعافي من الصدمات النفسية، واستخدام العلاج الحسي الحركي بالفن لتطوير الخيارات الإبداعية ودعم عملائنا، والعلاج بالفن المختصر القائم على إيجاد حلول. وشهد المؤتمر عرض ما يقرب من 100 عمل فني لناجين من العنف والإيذاء والاتجار بالبشر، موضِّحاً رحلتهم الخاصة نحو الشفاء والتعافي من الصدمات.

يُذكَر أنَّ العلاج بالفن لغة عالمية تتخطّى الحدود والثقافات، وتقوم على فكرة أن التعبير الإبداعي قادر على تسريع رحلة الشفاء والتعافي من الصدمات. وحرص مركز إيواء على عقد هذا المؤتمر انطلاقاً من إيمانه بأهمية الاستفادة من القدرات الكبيرة للتعبير الإبداعي في تمكين الإنسان والارتقاء بحياته نحو الأفضل.

لمزيدٍ من المعلومات، يرجى زيارة: https://arttherapyconference.ae