يفتح متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي أبوابه للجمهور في 22 نوفمبر 2025 في المنطقة الثقافية في السعديات، ما يمثِّل إنجازاً ثقافياً مهماً إلى الإمارة، ويعزِّز مكانتها وجهةً عالميةً للمعرفة والبحث العلمي والثقافة، بوصفه أكبر متحف من نوعه في المنطقة.
تبلغ مساحة المتحف 35,000 متر مربع، مُشكِّلاً مَعلماً ثقافياً بارزاً يروي قصة الحياة على الأرض من منظور عربي يُضيف إلى المشهد الثقافي المزدهر في دولة الإمارات العربية المتحدة. ويأخذ المتحف زوّاره في رحلة عبر 13.8 مليار سنة من التاريخ الطبيعي، من نشأة الكون والمجموعة الشمسية إلى تطوُّر الحياة على الأرض وانتشار الديناصورات وانقراضها، وصولاً إلى التنوُّع البيولوجي المذهِل لكوكبنا.
ومن أبرز معروضات المتحف ثلاثة مسافرين من أعماق الزمن: التيرانوصور رِكس الضخم، الذي عاش قبل 67 مليون سنة حين كان سيد الأرض بلا منازع، ونيزك مورتشيسون، المسافر الكوني الذي شهد ولادة كوكبنا، ويضمُّ حبيبات يعود عمرها إلى سبعة مليارات سنة، أي إلى ما قبل تكوُّن مجموعتنا الشمسية، والحوت الأزرق، أضخم كائن معروف على وجه الأرض، يعرضه المتحف بمثال عن أنثى حوت أزرق يبلغ طولها 25 متراً، مقدِّماً نموذجاً عن تنوُّع الحياة البحرية، واستمرارية قصة الحياة على كوكبنا.
وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: «يمثِّل افتتاح متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي محطة فارقة في مسيرتنا نحو صياغة المشهد الثقافي والمعرفي للإمارة. يقدِّم المتحف وصولاً غير مسبوق إلى قصة الحياة على كوكب الأرض، تُروى للمرة الأولى بعيونٍ عربيَّة، حيث يشكِّل التنوُّع النباتي والحيواني والتاريخ الجيولوجي للمنطقة جزءاً محورياً رئيسياً من رحلة الزائر. وكما يقوم المتحف بدورٍ مؤسسيٍّ بحثيٍّ وتعليمي؛ إذ يسهم في نشر المعرفة العلمية، وإيصال أحدث الأبحاث إلى جمهور أوسع، ملهماً الأجيال المقبلة نحو مستقبل أكثر وعياً واستدامة».
عبر صالات العرض، يشكِّل التاريخ الطبيعي لشبه الجزيرة العربية جزءاً لا يتجزَّأ من القصة التي يسعى المتحف إلى تسليط الضوء عليها. ومن أبرز الاكتشافات المحلية التي وُجِدَت في أبوظبي نوعٌ من الفِيَلة يُعرَف باسم «ستيجوتيترابيلودون» الإمارات، وهو من فصيلة الفِيَلة القديمة التي تميَّزت بامتلاكها أنياباً في الفكين العلوي والسفلي معاً، وهي سِمة نادرة لا توجد لدى الفِيَلة الحديثة، ما يمنح الزوّار نظرة فريدة إلى مسيرة تطوُّر هذه الكائنات، ويعكس في الوقت نفسه غنى المنطقة بالإرث الطبيعي الفريد.
وصمَّمت شركة ميكانو المعمارية العالمية مبنى المتحف ليبدو كأنه جزء من طبيعة جزيرة السعديات، ينهض من أرضها بتكوينٍ عضويٍّ يُشبه تشكُّلات الصخور الطبيعية. ويجسِّد التصميم رسالة المتحف في ربط الإنسان بعالم الطبيعة، وإلهام جيلٍ جديدٍ من المستكشفين والمبدعين للسؤال والاكتشاف والمشاركة في بناء مستقبلٍ أكثر استدامة.
يحتضن المتحف قاعات ومعارض دائمة تأخذ الزائر في رحلة متكاملة عبر تاريخ الكون وتحوُّلات الحياة على الأرض، تجمع بين المعرفة والاكتشاف بأسلوب تفاعلي حديث. وتشمل القاعات الرئيسة «قصة كوكب الأرض»، و«العالم المتطور»، و«عالمنا»، و«الكوكب المرن»، و«مستقبل الأرض»، إلى جانب مجموعة من القاعات الجانبية، مثل «مختبر علم الحفريات»، و«مختبر علوم الحياة»، و«مناخ الجزيرة العربية»، و«ما وراء الأفق»، و«قصة الإنسان». ويضمُّ مسرحاً تفاعلياً يقدِّم عروضاً تنقل الزوّار في رحلة فريدة عبر الزمن.
وبمناسبة افتتاحه، يقدِّم المتحف معرضين عالميين، هما مسيرة التريسيراتوبس، الذي يعرض أول قطيع من هذا النوع من الديناصورات في العالم، ومعرض المصوّر الفوتوغرافي للحياة البرية في نسخته الحادية والستين، وهو أحد أبرز المعارض الدولية في مجال تصوير الطبيعة. وتشكِّل هذه المعارض معاً انطلاقة البرنامج الدولي للمتحف، وتمهِّد لمرحلة جديدة من التعاون العلمي والثقافي على المستويين المحلي والعالمي.
وبانضمامه إلى معالم ثقافية بارزة، مثل اللوفر أبوظبي، و«تيم لاب فينومينا أبوظبي»، ومتحف زايد الوطني، ومتحف جوجنهايم أبوظبي، يُعزِّز متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي مكانة المنطقة الثقافية في السعديات منارةً عالميةً للمعرفة والإبداع والتبادل الثقافي.