الأرشيف والمكتبة الوطنية يختتم فعاليات الأمسية الثالثة ضمن برنامجه الرمضاني بالتعاون مع جمعية الإمارات للخيول العربية.وتضمنت الأمسية محاضرة بعنوان «الخيول العربية القديمة في أبوظبي» وتعريفاً بفن التشوليب الذي كان الفرسان يؤدونه قديماً بهدف تسليط الضوء على العادات والقيم الإماراتية، وتعزيز الهوية الوطنية لدى أفراد المجتمع. وحضر الأمسية أيضاً عدد من أصحاب المعالي والسعادة، وجمهور غفير من المهتمين.

وقال سعادة عبد الله ماجد آل علي المدير العام للأرشيف والمكتبة الوطنية: «يسعدني بأن يكون مجلس الأرشيف والمكتبة الوطنية نافذة أخرى يطل منها الجمهور على موروثنا في دولة الإمارات العربية المتحدة الذي نفخر به، وعلى ثقافتنا الشعبية العريقة، إيماناً من الأرشيف والمكتبة الوطنية بأهمية نشر العلم والمعرفة، وهذا ما يجعل أبناء مجتمعنا أقرب إلى ذاكرة الوطن التي يحفظها الأرشيف والمكتبة الوطنية ويتيحها للباحثين».

وأضاف: «لقد سعدنا كثيراً بحضور الشيوخ الكرام وأصحاب المعالي والسعادة ونخبة من المثقفين والمهتمين بالخيول وبتاريخها العريق في منطقتنا، فالخيول من أبرز المفردات التراثية في بيئة الإمارات العربية المتحدة، وما زالت تلاقي الاهتمام الكبير حتى يومنا هذا، وكثيراً ما نراها في الفعاليات الرسمية والمجتمعية، وتشارك في السباقات العالمية».

ولفت سعادته إلى أن الأرشيف والمكتبة الوطنية أولى الخيول اهتماماً كبيراً، فأصدر موسوعة «العاديات»، أكبر موسوعة عربية عن الخيول، وهو يحتفظ بعدد من الوثائق التاريخية التي تتعلق بالخيول، وكثيراً ما يتوج إصداراته ودورياته بجوانب من فروسية المغفور له للوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

وبدأت الأمسية بفيديو تضمن كلمة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عن أهمية التراث ومنزلة الخيول في التراث الإماراتي، ثم بدأت المحاضرة بحوار بين المحاضر محمد علي المطروشي الباحث في مجال الخيول العربية، وسعيد السويدي خبير الأنساب في الأرشيف والمكتبة الوطنية، الذي أشار إلى أن الخيول تمتعت بمكانة مهمة عبر التاريخ، ويكفي أن الله سبحانه وتعالى قد أورد ذكرها في كتابه الكريم، وقال عنها النبي (ص): «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة»، ثم توجّه إلى المحاضر بسؤال عن أنساب الخيول الأصيلة في جزيرة العرب، وعن أصول الخيل وأنسابها، فقال المطروشي: «يحفظ العرب أنساب خيولهم كما يحفظون أنسابهم، فهي جزء لا يتجزأ من حياتهم، وهي من الأشياء النفيسة لديهم، وكان شيوخ العرب وملوكهم يتهادونها بينهم».

وأضاف المطروشي: «كانت الخيول تنسب لآبائها، ومؤخراً صار العرب ينسبونها لأمهاتها وهذا ما يعرف بالرسن». وأشار المحاضر إلى أسطورة خراب سد مأرب وهروب الخيول الخمسة، وعرف منها ثلاثة خيول أصيلة، هي الكحيلة والصقلاوية والعبيّة.

وشرح المطروشي بشكل مفصل عن خيل، أحضرت إلى المجلس وتنسب إلى خيل شمر، وهي من خيول جمعية الإمارات للخيول العربية، وتتمتع بصفات الفرس الأصيلة، فأشار إلى تناسق الرقبة مع الجسم، وقصر الظهر، وسعة فتحتي الأنف، وسعة الصدر، وبروز الخد، والشكل المثالي للقوائم، وغيرها، ثم عرض المحاضر ومحاوره بعض القصائد التي قيلت عن الخيول الأصيلة.

وكان للمحاضرة وقفة مع الحصان المرادي وهو من أعرق خيول آل نهيان، وحصان ربدان الذي أهداه شريف مكة مع غيره من الخيول إلى الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان حاكم أبوظبي، ومن خيول آل نهيان العبيّة والدهمة التي صورها الرحالة بورخارت، وحصان شويمان الذي كانت له صورة محفوظة في أرشيف الرحالة أوبنهايم.

ثم تحولت الأمسية إلى فن التشوليب، وتحدث عنه الموسيقار طارش بن خميس الهاشمي، مبيناً أنه الفن الذي يؤديه الفرسان وهم على ظهور الخيل، حين يرددون أبياتاً شعرية ارتجالية بطريقة تبث روح الحماس عند الفرسان، وترفع روحهم المعنوية. ويؤدى هذا الفن اليوم في المناسبات الوطنية والرسمية والاجتماعية، وأكد أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أولى هذا الفن اهتماماً كبيراً، وهو من الفنون التي يجب المحافظة عليها.

وأشار الموسيقار الهاشمي إلى أن الشيخ زايد بن حمد بن حمدان آل نهيان، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للخيول العربية، وجّه بتشكيل فرق تبحث في جذور هذا الفن، ومقابلة الأشخاص الذين كانوا يؤدونه، وجمع 40 إلى 50 قصيدة في هذا المجال، وتم تدوين هذه القصائد، والألحان الموسيقية لفن التشوليب.

واختتمت الأمسية بجولة في قاعة الشيخ زايد بن سلطان في الأرشيف والمكتبة الوطنية، التي تعرض صفحات مهمة من تاريخ الإمارات وتراثها العريق بأسلوب تقني حديث.