افتتح متحف اللوفر أبوظبي، بالتعاون مع علامة الساعات السويسرية الفاخرة ريتشارد ميل، الدورة الخامسة من معرض «فن الحين» تحت عنوان «ظلال». ويضمُّ المعرض ستة أعمال معاصرة لسبعة فنانين وصلوا إلى قائمة المرشحين لجائزة ريتشارد ميل للفنون، ويستمر المعرض حتى 28 ديسمبر 2025، ما يؤكِّد التزام المتحف بدعم الممارسات الفنية المعاصرة في المنطقة والعالم.

وأصبح معرض «فن الحين»، منذ انطلاقه قبل خمسة أعوام، منصةً محوريةً للفنانين لتقديم إبداعات فنية جريئة ومُبتكَرة ضمن مساحات المتحف، ما يُتيح تفاعلاً واسع النطاق مع جمهور عالمي. وتعزِّز هذه المبادرة دور اللوفر أبوظبي كمحفِّز للتبادل الثقافي والاكتشاف، إضافة إلى دعم المواهب الفنية عبر مناطق جغرافية متعددة.

تتولّى تنسيق معرض «فن الحين» القيّمة الفنية صوفي مايوكو أرني، حيث تدعو نسخة 2025 من المعرض الفنانين إلى التفاعل مع موضوع «ظلال»، واستكشاف العلاقة بين الضوء والغياب والظهور والخفاء والأبعاد المتعددة للذاكرة والهُوية والتحوُّل، ويعكس المعرض ثراء الإبداع الإقليمي، حيث استقبلت نسخة هذا العام عروض المشروعات من فنانين مقيمين في مجلس التعاون لدول الخليج العربية واليابان، إضافةً إلى جانب فنانين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ممَّن تربطهم صلة بمجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وقال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي: «يفخر متحف اللوفر أبوظبي بافتتاح النسخة الخامسة من معرض فن الحين، وتقديم هذه الأعمال الفنية الاستثنائية للجمهور، وأصبح معرض فن الحين إحدى أنشط مبادرات المتحف وأكثرها حيوية، حيث يحتفي المعرض بتنوُّع الأصوات الفنية من المنطقة والعالم، ولا تكتفي الأعمال الستة المرشَّحة للفوز بجائزة هذا العام بدعوة الزوّار إلى المشاهدة فحسب، بل تمنحهم خوض تجربة تفاعلية مع الفن المعاصر بطرق إبداعية جديدة، ومن خلال التنسيق الدقيق لصوفي مايوكو أرني، يُعمّق فن الحين 2025 حوارنا مع الفنانين محلياً ودولياً، وللمرة الأولى مع اليابان، وهو ما يؤكِّد التزامنا بمدِّ جسور الإبداع عبر الثقافات. وبفضل تعاوننا مع ريتشارد ميل وأعضاء لجنة التحكيم، نواصل تعزيز حضور هذه المنصة وتأثيرها في المجتمع الفني على مستوى العالم».

وقالت تيلي هاريسون، المدير الإداري لشركة ريتشارد ميل الشرق الأوسط: «إنَّ الأعمال الفنية المرشَّحة هذا العام ليست مذهلة من الناحية البصرية فحسب، بل لافتة أيضاً من الناحية الفكرية، حيث تتناول موضوع (ظلال) من الجانبين البصري والعاطفي، وهذا المستوى من الطموح هو ما يجعل جائزة ريتشارد ميل للفنون مساهمة متميزة في المشهد الفني المعاصر في المنطقة».

يعكس معرض «فن الحين 2025» حواراً فنياً يمتد عبر الخليج العربي واليابان، وغيرهما من مناطق العالم، وبينما يعرض الفنانون المرشَّحون أعمالهم، يوسِّع المعرض آفاق التعاون الإقليمي والتعبير الفني، ويفتح المجال أمام تفسيرات جديدة للظل والمساحة والصدى الثقافي ضمن السردية العالمية لمتحف اللوفر أبوظبي.

وقال الدكتور غيليم أندريه، مدير إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في متحف اللوفر أبوظبي: «على مدى خمس سنوات، اتسع نطاق معرض فن الحين ليصبح منصة رائدة ترعى التنوُّع، وتحتضن الأصوات الفنية الناشئة، ليعزِّز بذلك دور اللوفر أبوظبي مركزاً للإبداع الإقليمي والدولي على حدٍّ سواء. ويقدِّم المعرض في نسخة هذا العام أعمالاً متعمِّقة وتفاصيلَ متميِّزة تعكس حيوية الفن المعاصر اليوم، حيث يكشف (فن الحين 2025) روابط مثيرة للاهتمام بين المنطقة ومفاهيم واردة من مختلف أنحاء العالم، ويعزِّز الحوار الثقافي العابر للحدود، ويوسِّع آفاق التفاعل الفني».

يعرض «فن الحين 2025» أعمال سبعة فنانين، هي العمل الفني للمعماري والفنان والباحث الفلسطيني أحمد الأقرع بعنوان «أذكر نوراً» الذي يُعيد تخيُّل الظلال كآثار عمرانية، مستلهماً المشربية التقليدية، وهي الشبك الخشبي المستخدَم في العمارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويتألَّف العمل الفني من مكعبات أكريليك متراصة تحتوي على أشكال مطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، ومأخوذة من صور ظلال في الشارقة، ليحوِّل اللقاءات العارضة بين الضوء والعمارة إلى قطع نحتية خالدة.

والعمل الفني للفنان والموسيقي الإماراتي جُميري بعنوان «صدى»، هو تركيب ضوئي تفاعلي يواجه فيه الزوّار بِركة ماء ساكنة، وزهرة واحدة، وأصواتاً محيطة؛ ومن خلال عمله التفاعلي «صدى»، فإنه يُعيد تصوُّر أسطورة «نرجس»، حيث ينقل التركيز من الانعكاس إلى الحضور، مستخدماً الضوء والظل لتحويل الغياب إلى حميمية، وداعياً إلى لقاء أعمق مع الذاكرة واللاوعي.

أمّا العمل الفني للفنان الياباني ريوتشي كوروكاوا بعنوان «سكادو» فهو تركيب سمعي بصري غامر يوظِّف الضوء، والضباب والصوت، حيث يقطع شعاع ضوئي واحد الضباب المتغيِّر باستمرار، مولِّداً أنماطاً متحركة من الظل والرنين. وهذا العمل مستوحى من مفهوم «ما» الياباني، أي جمال المسافة والفراغ والفجوات، حيث يدعو المشاهدين إلى فضاء تأمُّلي يصير فيه الغياب حضوراً.

ويضمُّ العمل الفني التركيبي «دراسات الأشجار»، الذي أبدعته الفنانة حمرة عباس، 31 منحوتة حجرية مطعَّمة بنقوش مستوحاة من أشجار موجودة في باكستان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتشمل الزيتون والرمان والكرز. وباستخدام أسلوبها الفني المميَّز باستخدام اللازورد المتراكب لابتكار أوراق شجر شبيهة بالظلال، توازن الأعمال بين الواقعية والتجريد، حيث يستحضر الترتيب الشبكي للأعمال تحت قبة المتحف الانطباع المرتبط بالظلال المتراكبة لأشجار النخيل في واحة العين.

أمّا عمل الفنان الياباني رينتارو فيوس الذي يحمل اسم «ساعة شمسية من أجل ليل لا ينتهي»، وهو عبارة عن ساعة شمسية منحوتة تقدِّم تصوُّراً للعالم بعد غياب الشمس، وقد صُنِعَت من فولاذ مصقول مقاوم للصدأ يعكس بيئتها المحيطة، في حين تُحاذي ثلاثة مؤشرات نجوم الشمال من الماضي والحاضر والمستقبل، وتم تركيبها تحت قبة المتحف، حيث تحوِّل الزمن الكوني إلى حالة من التأمُّل في الذاكرة والغياب، والحضور السرمدي الراسخ.

في حين يقدِّم الثنائي المعماري يوكوماي وبوعياد عملاً بعنوان «كوريغرافيا السحاب، ظلال راقصة»، وهو جناح تُعرَض فيه شبكة فولاذية متمايلة غير قابلة للصدأ ومستوحاة من نسيج كاواتشي التقليدي، مدعوماً بأعمدة رفيعة، حيث تتشكَّل من خلال هذا الهيكل أنماط متغيرة من الظل والضوء، وعبر استخدام مواد صناعية مُعاد تدويرها، أبدع الثنائي – تاكوما يوكوماي من اليابان والدكتور غالي بوعياد من المغرب – عملاً فنياً تركيباً يمزج بين تقاليد التصميم في طوكيو ومراكش، مقدِّمَيْن فضاءً شاعرياً تتحرَّك فيه العمارة بشكل يحاكي الطبيعة.

وقالت صوفي مايوكو آرني، منسق معرض فن الحين 2025 في اللوفر أبوظبي: «الضوء الحاني يعانق الجمال، أمّا الظلال فتقود إلى جوهر الأشياء، ومن خلال موضوع نسخة هذا العام من معرض (فن الحين)، أعاد الفنانون المرشَّحون المرتبطون بالخليج العربي واليابان استكشاف الظلال بطرق متعمقة، ودقيقة ومبتكَرة ويسعدني الكشف عن هذه الأعمال في متحف اللوفر أبوظبي، إنه المتحف الذي يحمل رسالة عالمية، في زمنٍ لا يمكن فيه للتأمُّل في الجمال إلا أن يذكِّرنا بالوحدة في اللحظة الحاضرة».

وتولَّت لجنة تحكيم مرموقة اختيار المتأهلين للتصفيات النهائية لجائزة ريتشارد ميل للفنون 2025، وتتكوَّن لجنة التحكيم من خمسة أعضاء، برئاسة الشيخ زايد بن سلطان بن خليفة آل نهيان، مستشار في وزارة الخارجية، ورئيس منصة «أ.ع.م اللامحدودة»، وأحد كبار جامعي الأعمال الفنّية ورعاة مركز بومبيدو، والدكتور غيليم أندريه، مدير إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في متحف اللوفر أبوظبي، ومايا أليسون، المدير التنفيذي لرواق الفن ورئيس القيّمين الفنيين في جامعة نيويورك أبوظبي، ومنسق المعرض صوفي مايوكو أرني، المنسقة السويسرية اليابانية والمُحررة المؤسسة لمجلة جلوبال آرت ديلي، ويوكو هاسيغاوا، أستاذة باحثة في كلية الدراسات العليا للإدارة في جامعة كيوتو، والمديرة السابقة لمتحف القرن الحادي والعشرين للفن المعاصر في كانازاوا.

واستقبلت نسخة هذا العام أكثر من 400 عرض مشروع من فنانين مقيمين في مجلس التعاون لدول الخليج العربية واليابان، إضافة إلى فنانين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ممَّن تربطهم صلة بالخليج العربي، واختيرت ستة أعمال منهم، وسيُعلَن عن الفائز بجائزة ريتشارد ميل للفنون في ديسمبر 2025.