وقَّع مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية اتفاقيتي تعاون مع اثنتين من كبرى الشركات الصينية المتخصِّصة في التنمية الحضرية والتكنولوجيا العمرانية، هما «كيو هوم» و«ثري إنوفيتر تكنولوجي»، خلال جولة «قمة أبوظبي للبنية التحتية الدولية 2025» التي استضافتها مدينة شنغهاي في الصين، بهدف تسريع تبنِّي أنظمة البناء المعياري سابق التجهيز، وتطبيق حلول المدن الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي في قطاعَي التشييد والتطوير الحضري، ما يُسهم في رفع كفاءة التخطيط والبناء وإدارة المشاريع العمرانية، وترسيخ مكانة أبوظبي كنموذج رائد في تطوير بنية تحتية متقدمة تُواكب المستقبل.
وتُعَدُّ «كيو هوم» من الشركات الرائدة في أنظمة البناء المعياري سابق التجهيز، وهي نتاج شراكة بين «نت زيرو» الإماراتية و«برود هومز« الصينية. وتستهدف الاتفاقية الموقَّعة معها نقل وتوطين هذه التقنيات والخبرات الصينية إلى الإمارات، وتطويرها بما يتوافق مع البيئة العمرانية ومعايير الجودة في أبوظبي. أمّا «ثري إنوفيتر تكنولوجي»، فتُعَدُّ من أبرز الشركات الصينية المتخصِّصة في حلول الذكاء الاصطناعي الداعمة لحوكمة البنية التحتية وإدارة المشاريع الكبرى، وتهدف الشراكة معها إلى دمج هذه التقنيات ضمن مشاريع أبوظبي، ما يسهم في تعزيز كفاءة المتابعة وجودة التنفيذ.
وتُجسِّد الاتفاقيتان رؤية أبوظبي في تطوير أُطر حوكمة مبتكَرة لقطاعَي البناء والبنية التحتية، ترتكز على حلول ذكية تُوازن بين التطوير العمراني والحفاظ على البيئة، وتُرسِّخ أسساً لبنية تحتية مرنة وخالية من الانبعاثات الكربونية بما يمهِّد لتأسيس مدنٍ أكثرَ كفاءة واستدامة.
وقَّع الاتفاقية سعادة المهندس ميسرة محمود سليم عيد، المدير العام لمركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية، وويلونغ لي، الرئيس التنفيذي لشركة «كيو هوم»، بحضور معالي محمد علي الشرفاء، رئيس دائرة البلديات والنقل، وقابوس باشطح، المالك والمؤسِّس للشركة. وعقب التوقيع، اطَّلع الوفد الإماراتي على عرضٍ ميدانيٍّ لتقنيات البناء المعياري في منشأة «كيو هوم» في مدينة شنغهاي، شمل أنظمة البناء الجاهزة والمواد المستدامة وعمليات التصنيع المحلية المصمَّمة لتلبية احتياجات مشاريع الإسكان القابلة للتوسُّع وفق متطلبات النمو العمراني في الإمارة.
وقال معالي محمد علي الشرفاء: «عُقِدَت خلال الزيارة مناقشات مهمة مع أبرز ممثّلي قطاع البناء والإنشاء من مبتكرين وروّاد متخصِّصين في التنمية العمرانية، والتي أبرزت بدورها قيمة وأهمية العمل المشترك على المستوى الدولي لتحقيق ما نصبو إليه من بنى تحتية متطورة ترتقي بمستويات المعيشة لكلِّ مَن يستخدمها».
وأوضح سعادة المهندس ميسرة محمود سليم عيد أنَّ الاتفاقيتين مع الشركات الصينية تشكِّلان خطوة عملية للانتقال من مرحلة تبادل الرؤى إلى التنفيذ، حيث تُصبح أبوظبي منصة لتطبيق أحدث حلول المدن الذكية، ومركزاً إقليمياً للابتكار في هذا المجال. ومن خلال هذه الشراكات، نؤسِّس نموذجاً حضرياً متكاملاً للمدن المستقبلية التي تُلبّي تطلعات الأجيال المقبلة وتعزِّز جودة الحياة.
وأكَّد قابوس باشطح أنَّ توقيع اتفاقية التفاهم مع مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية يُعَدُّ خطوة استراتيجية مهمة في مسيرة (كيو هوم)، وتأكيداً لالتزامنا بتوطين تقنيات البناء المعياري في إمارة أبوظبي. نهدف من خلال هذه الشراكة إلى تأسيس منظومة تصنيع ذكية ومستدامة تُسهم في تعزيز كفاءة البناء وخفض التكاليف والانبعاثات الكربونية، بما يدعم مبادرة (اصنع في الإمارات) ورؤية أبوظبي 2030 لتطوير بنية تحتية متقدمة ومستدامة.
وتستهدف الاتفاقية بين مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية وشركة «ثري إنوفيتر تكنولوجي» تعزيز التعاون لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي ضمن مشاريع البنية التحتية والمدن الذكية، وتسريع التحوُّل الرقمي في منظومة التنمية العمرانية في الإمارة. وأكَّد منجيون شي، الرئيس التنفيذي للشركة، أنَّ الصين وأبوظبي تتشاركان رؤية طموحة للارتقاء بالبُنى التحتية عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي وحلول المدن الذكية، مشيراً إلى أنَّ خبرات الشركة في الحوكمة الذكية والتنمية المستدامة ستُسهم في دعم التحوُّل الرقمي وترسيخ مكانة أبوظبي كعاصمة عالمية للمستقبل.
وضمَّ وفدُ أبوظبي، الذي ترأّسه سعادة المهندس ميسرة محمود سليم عيد، نخبةً من قيادات المركز، من بينهم سعادة عادل سالم النعيمي، المدير التنفيذي لقطاع الشؤون التعاقدية للمشاريع الرأسمالية، وخديجة خليفة مبارك سيف الربيعي، مدير التطوير الاستراتيجي والتكامل، ومحمد صياح المنصوري، مدير مكتب التخطيط الاستراتيجي المؤسسي والخدمات المساندة، وبشار أبو غنّام، مدير إدارة البحث والتطوير والتحوُّل المؤسسي، وعادل البريكي، الرئيس التنفيذي لشركة «الدار للمشاريع»، وياسر النعيمي، الرئيس التنفيذي لعمليات تسليم المشاريع في الشركة، وكارلوس واكيم، الرئيس التنفيذي لشركة «بلوم القابضة».
وخلال الجولة، عقد الوفد سلسلة اجتماعات رفيعة المستوى مع أكثر من عشرين خبيراً من كبار قادة الصناعة وممثّلي الشركات الصينية العاملة في مجالات التشييد والبنية التحتية، من بينها شركة الصين للإنشاءات الهندسية المدنية، وشركة الصين لاستشارات تقنيات البناء، و«سي بي جي كوربوريشن«، ومعهد الصين للتصميم وبحوث الإنشاءات الحضرية، ومعهد شمال الصين للهندسة البلدية، وشركة الصين للاتصالات والإنشاءات ممثلةً بـ«تشاينا هاربور للهندسة»، إلى جانب مجموعتَي «سيفي القابضة» و«جرين تاون تشاينا القابضة».
وناقش الجانبان فرص التعاون في مجالات البنية التحتية المستدامة، والنقل والإسكان وأنظمة البناء المعياري. وزار الوفد «معهد شنغهاي للمدن الذكية والذكاء الاصطناعي»، واجتمع بمسؤولي شركة «زيفو تكنولوجيز» لبحث توظيف تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في البناء الحديث، بما يُسهم في تسريع التحوُّل نحو تنمية عمرانية أكثر ذكاءً ومرونة في أبوظبي.
وتُعَدُّ العلاقات الإماراتية–الصينية نموذجاً رائداً للتعاون الاستراتيجي الممتد عبر عقودٍ من الشراكات في مجالات البنية التحتية والتشييد والإسكان سابق التجهيز وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في إدارة المشاريع الكبرى. وفي هذا الإطار، مثَّلت جولة «قمة أبوظبي للبنية التحتية الدولية 2025» في شنغهاي محطةً محوريةً جديدةً ضمن استراتيجية مركز أبوظبي للمشاريع والبنية التحتية لتعزيز التعاون الدولي واستقطاب الخبرات العالمية، حيث أتاحت لأبوظبي الاطِّلاع على أحدث تقنيات البناء الرقمي، وأنظمة التجميع السريع، والمناطق الصناعية الذكية منخفضة الانبعاثات الكربونية، بالشراكة مع مؤسسات عالمية رائدة.
وتأتي الجولة استكمالاً لنجاح النسخة الأولى من القمة في يونيو 2025، التي تشرَّفت بحضور سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، بمشاركة أكثر من 4,100 خبير من 100 بلد، فيما تواصل القمة مسيرتها خلال نوفمبر بمحطات جديدة في أنقرة وإسطنبول.