أطلقت هيئة البيئة – أبوظبي بالتعاون مع شركة «توتال للطاقات»، ضمن استراتيجية أبوظبي للتغير المناخي، مشروعاً رائداً لاستزراع وإعادة تأهيل الأعشاب البحرية، ما يعد خطوة محورية في الحفاظ على النظم البيئية البحرية في أبوظبي، ودعم دورها الرائد عالمياً في تعزيز الحلول القائمة على الطبيعة لمواجهة تحديات التغير المناخي.

يؤكد هذا المشروع الذي يستمر لعام واحد التزام هيئة البيئة – أبوظبي بتطوير أفضل الممارسات لإعادة تأهيل موائل الأعشاب البحرية ما يسهم في صون أنظمة الكربون الأزرق وتنميتها، حيث تعد مروج الأعشاب البحرية من أكثر النظم البيئية الساحلية فعالية في امتصاص الكربون الأزرق وتخزينه في أنسجتها وجذورها وفي التربة. وإضافة إلى دورها في التخفيف من آثار تغيّر المناخ، تؤدي الأعشاب البحرية دوراً حيوياً في تعزيز التنوع البيولوجي، إذ تُعدّ موائل طبيعية مهمة لعدد كبير من الكائنات البحرية، وتسهم في دعم مصايد الأسماك المستدامة، وتحسين جودة المياه، ودعم السياحة البيئية.

وقالت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة - أبوظبي: «تجسد مبادرتنا لاستزراع وإعادة تأهيل الأعشاب البحرية التزام أبوظبي بالحفاظ على تراثها الطبيعي ومعالجة التحديات البيئية العالمية. ومن خلال الابتكار والتعاون والعمل القائم على العلم، يعمل هذا المشروع على إعادة تأهيل الموائل وتعزيز قدرتنا على حماية الموارد البحرية الغنية في الإمارة واستدامتها للأجيال المقبلة».

وأضافت سعادتها: «يعد التعاون مع شركة توتال للطاقات خطوه مهمة نحو تعزيز الجهود المشتركة وتسخير الإمكانات بين القطاعين العام والخاص وتضافر الجهود لتحقيق مرونة أنظمتنا البيئية الساحلية، ما يضمن مستقبلاً مستداماً لكوكبنا».

 وتنتشر في أبوظبي ثلاثة أنواع من الأعشاب البحرية على مساحة تقدر بـ 3000 كيلومتر مربع، وتدعم وجود أكثر من 3,500 من أبقار البحر و4,000 من السلاحف البحرية الخضراء، وغيرها من أنواع الأحياء البحرية، إذ تشكل أبوظبي موطناً لثاني أكبر تجمع لأبقار البحر في العالم بعد أستراليا، التي تتغذى حصرياً على أعشاب البحر، ما يجعل حماية مروج الأعشاب البحرية والحفاظ عليها وتنميتها أمراً ضرورياً لبقائها.

واستكملت ضمن المشروع زراعة 10,000 متر مربع من الأعشاب البحرية، قادرة على تخزين 52 طناً من الكربون، أي ما يعادل 23 رحلة جوية من أبوظبي إلى لندن. ويتوافق المشروع مع مبادرة «تنمية الأعشاب البحرية 2030» ضمن إطار عقد الأمم المتحدة لعلوم المحيطات، ويعتمد على استخدام النوع الأكثر انتشاراً من الأعشاب البحرية في الإمارة من نوعHalodule uninervis  ويدمج أحدث أدوات التكنولوجيا والابتكارات للمتابعة والمراقبة بعد عمليات الزراعة.

تعاونت هيئة البيئة – أبوظبي مع  شركة توتال للطاقات منذ عام 1999 للحفاظ على النظم البيئية، ويشمل ذلك حماية أبقار البحر، ودراسة التنوع البيولوجي في محمية الوثبة للأراضي الرطبة، وحماية موائل طيور الفلامنغو، والبحث في مرونة السواحل لمواجهة تغير المناخ، إضافة إلى  مبادرات تركز على الحلول القائمة على الطبيعة، وتحسين جودة التربة والهواء في غابات القرم، ومروج الأعشاب البحرية، والمسطحات الملحية وحققت نتائج مهمة من أبرزها تطوير  أدوات البحث الخاصة بأبقار البحر التي تستخدم في أكثر من 40 دولة، وأدوات البحث الخاصة بمروج الأعشاب البحرية التي تستخدم في أكثر من 80 دولة. 

وقال سمير عمر، رئيس شركة توتال للطاقات للاستكشاف والإنتاج، وتوتال للطاقات في دولة الإمارات: «يعكس تعاوننا مع هيئة البيئة – أبوظبي التزامنا بالتنوع البيولوجي البحري وإعادة تأهيل النظم البيئية. ويُعد مشروع استعادة أبقار البحر ومروج الأعشاب البحرية حجر الأساس في هذه الشراكة، حيث يهدف إلى إعادة تأهيل الموائل الساحلية الحيوية وضمان بقاء أبقار البحر على المدى الطويل. ومن خلال جهود الحفظ المستهدفة، وإعادة تأهيل الموائل، والمشاركة المجتمعية، نعمل على حماية هذه النظم البيئية الحرجة إذ لا يدعم هذا المشروع التنوع البيولوجي وحسب، بل يعزز أيضاً مرونة المجتمعات الساحلية التي تعتمد على بيئات بحرية صحية».

وتستضيف هيئة البيئة – أبوظبي لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط، ورشة العمل الدولية السادسة عشرة لبيولوجيا الأعشاب البحرية، إضافة إلى المؤتمر العالمي للأعشاب البحرية في عام 2026. وأعلنت جمعية الأعشاب البحرية العالمية والاتحاد الدولي لحماية الطبيعة خلال شهر أغسطس 2024، ليمثل هذا الحدث منصة تجمع بين الحكومات والعلماء والباحثين والمختصين في مجال البيئات الساحلية والبحرية، يُسلط الضوء من خلالها على قضايا الأعشاب البحرية العالمية، وتعزيز المعرفة بشأنها، وتطوير شبكات الدعم والحماية لها.