يضطلع مركز التحكم التابع لشركة مياه وكهرباء الإمارات بدور رئيسي في ضمان استمرارية وكفاءة تشغيل شبكات الماء والكهرباء، ويسهم في تحقيق الأمن المائي والكهربائي في إمارة أبوظبي ودولة الإمارات عبر إدارة وتنسيق عمليات الإنتاج والنقل بكفاءة عالية.
نقلة نوعية في الإدارة المتكاملة
في يناير 2022، انتقلت مهام مركز التحكم من شركة أبوظبي للنقل والتحكم (ترانسكو) "طاقة لشبكات النقل حالياً" إلى شركة مياه وكهرباء الإمارات، التي تولت مسؤوليات الإشراف الكامل على جدولة و إدارة الطاقة والتحكم في عمليات الإنتاج، إلى جانب التخطيط الاستراتيجي وإدارة أنظمة النقل والتوزيع، مما فتح آفاقاً جديدة لتعزيز كفاءة إدارة الطاقة وتحقيق التوازن الأمثل بين الإنتاج والطلب.
يشرف المركز حالياً على تشغيل أنظمة إنتاج الماء والكهرباء في 17 محطة إنتاج، وإدارة 166 محطة تحويل ونقل كهرباء عالية الجهد و52 محطة ضخ مياه عالية الضغط، باستخدام أحدث تقنيات إدارة ومراقبة الشبكات "سكادا"، كما يعزز استقرار الشبكة عبر أنظمة الربط مع الشبكات المحلية والإقليمية.
دور محوري في التحول نحو الطاقة المستدامة
وتماشيا مع جهود دولة الإمارات الرامية إلى الانتقال نحو مستقبل أكثر استدامة في مجال الطاقة، يؤدي مركز التحكم دوراً رئيسياً في دمج مصادر الطاقة المتجددة في الشبكة الوطنية، ليدعم بذلك أهداف الطاقة النظيفة وخفض الاعتماد على محطات الغاز الطبيعي التقليدية.
ولضمان استقرار تردد النظام والجهد الكهربائي ضمن الحدود المقبولة، يشرف المركز على بدء تشغيل وحدات التوليد وإيقافها، مستفيداً من الخدمات المساعدة المتاحة في المحطات وشبكة الجهد العالي. وباستخدام التطبيقات والخوارزميات المتطورة، تعمل المنظومة التشغيلية في المركز على تحسين عملية اتخاذ القرار وتعزيز كفاءة النظام واستقرار الشبكة، بالتعاون مع شبكات الربط الإقليمية.
استراتيجيات متقدمة للطاقة المتجددة
تعمل شركة مياه وكهرباء الإمارات على تطوير مشاريع رائدة للطاقة المتجددة، بما في ذلك مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لدعم مستهدفات دائرة الطاقة - أبوظبي الاستراتيجية للطاقة النظيفة لعام 2035 لإنتاج الكهرباء، الهادفة لتلبية 60% من إجمالي الطلب على الطاقة في أبوظبي من مصادر متجددة ونظيفة. ونظراً للطبيعة المتذبذبة لمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يوظف مركز التحكم استراتيجيات متقدمة لإدارة الشبكة، بهدف الحدّ من تأثير هذا التذبذبات على موثوقية المنظومة، ويشمل ذلك التشغيل الأمثل لتقنيات تحسين الشبكة مثل أنظمة نقل التيار المتردد المرنة (FACTS)، وأنظمة التنبؤ المتقدمة، وأنظمة بطاريات تخزين الطاقة، إضافة إلى أنظمة التحكم المتقدم بالشبكة لضمان استقرار وموثوقية التشغيل.
وتخطط الشركة لتطوير مشروع أنظمة بطاريات تخزين الطاقة لتعزيز مرونة النظام، وزيادة السعة الإجمالية لتوليد الطاقة الشمسية إلى 10 جيجاوات بحلول 2030، متوقعة أن تسهم خططها الاستراتيجية في تقليل متوسط كثافة ثاني أكسيد الكربون من توليد الكهرباء بنحو 42% بحلول 2030. وبصفتهِ العنصر الرئيسي في تمثيل مُشغِّل النظام في الشركة، يقوم مركز التحكُّم بدور أساسي في نشر هذه المشاريع وتسهيلها بشكل فعال، وجهود دعم شركة مياه وكهرباء الإمارات وحكومة دولة الإمارات في تحقيق أهدافها الاستراتيجية.
تحديات وحلول مبتكرة لإدارة المياه
وفيما يخص إدارة المياه، يؤدي مركز التحكم دوراً رئيسيا في إدارة إنتاج وتوفير المياه في منطقة تعاني من ندرة الموارد المائية، ليساهم في تلبية احتياجات أبوظبي المتزايدة ودعم تنميتها الاقتصادية.
تعمل شركة مياه وكهرباء الإمارات على تطوير محطات عالمية المستوى لتحلية المياه بتقنية التناضح العكسي منخفضة الكربون، لفصل عمليات تحلية المياه عن توليد الكهرباء، حيث تشير توقعات الشركة إلى زيادة 30% في إنتاج المياه المحلاة، حيث ستوفر المحطات الجديدة 1.32 مليون متر مكعب يومياً، مما سيخفض كثافة الكربون في إنتاج المياه بنحو 93% بحلول 2031. وقد أوصت الشركة بزيادة الاستثمار في محطات التناضح العكسي، ليصل إجمالي قدرات إنتاج المياه بهذه التقنية إلى أكثر من 3.5 مليون متر مكعب يومياً بحلول 2031، لتلبية حوالي 92% من إجمالي الطلب المتوقع.
كفاءة وموثوقية إدارة أنظمة النقل
يعد المركز جزءاً رئيسياً في إدارة التشغيل اللحظي لأنظمة نقل الماء والكهرباء، حيث يراقب باستمرار الطلب والحالة التشغيلية لجميع المحطات، مستخدماً برامج متطورة وبيانات آنية لتتبع التغيرات في أنماط الاستهلاك وكميات التوليد المتاحة.
وبناءً على التوقعات، يقوم المركز بإعداد جدول زمني لوحدات التوليد، يشمل تحديد الوحدات الانتاجية التي سيتم تشغيلها أو إيقافها ومستويات إنتاجها، آخذين في الاعتبار اختيار الوحدات الأكثر فعالية من حيث التكلفة لتلبية الطلب الحالي. كما يركز المركز على التخطيط قصير الأجل وضمان الموثوقية، عبر تنسيق الصيانة الوقائية والطارئة، وإجراء دراسات شبكة النقل، وإعداد توقعات قصيرة الأجل وموسمية للعرض والطلب، مع ضمان الامتثال لمعايير موثوقية الإمداد.
التحديات المستقبلية والاستجابة الاستراتيجية
مع ازدياد تعقيد الشبكة ودمج مصادر الطاقة المتجددة يواجه المركز تحديات تقنية وتشغيلية تستلزم آليات متقدمة لضمان استقرار التوليد. كما يتطلب النمو السكاني والتوسع الحضري تحسين كفاءة الموارد وتطوير خطط التوسع.
ولمواجهة هذه التحدّيات يتبنى المركز استراتيجيات رقمية متقدمة تشمل الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية، إلى جانب برامج تدريب الكوادر الوطنية و تفعيل أنظمة بطاريات تخزين الطاقة والشبكات الذكية.
من خلال هذه الجهود، نخلص إلى القول بأن مركز التحكم يدعم بشكل مباشر أهداف إمارة أبوظبي ودولة الإمارات في مجال الاستدامة وخفض الانبعاثات، وذلك بتحسين كفاءة التشغيل، والتخطيط الذكي طويل الأجل، بناءً على أهميته في منظومة إدارة الماء والكهرباء في أبوظبي، حيث يجمع بين الكفاءة التقنية والابتكار والتوجه الاستراتيجي نحو الاستدامة، من خلال دمج أحدث التقنيات والتحول الرقمي، واستثمار الكفاءات الوطنية، ليتمكن من مواصلة تعزيز أمن الإمدادات وتلبية الطلب المتزايد بشكل مستدام وموثوق. وبالتالي، يسهم في تحقيق رؤية إمارة أبوظبي ودولة الإمارات في بناء مستقبل نظيف، آمن، ومزدهر للأجيال القادمة.