تحت رعاية كريمة من سمو الشيخة شمسة بنت حمدان بن محمد آل نهيان، أعلنت جامعة نيويورك أبوظبي ومجموعة أبوظبي للثقافة والفنون عن أسماء الفائزين بالنسخة الحادية عشرة من جائزة كريستو وجان كلود 2023.

وتضمُّ قائمة الفائزين كلاً من الفنانة الصينية فيفي تشو، خرّيجة جامعة نيويورك أبوظبي وصانعة الأفلام الوثائقية الحائزة على العديد من الجوائز، ورائدة الأعمال الاجتماعية التي تتركَّز اهتماماتها حول استكشاف ورواية قصص مصغَّرة تحمل هموماً اجتماعية وسياسية مهمة، وحلا العبورة، الفنانة الأردنية الفلسطينية، التي تخرَّجت في جامعة الشارقة وتقيم في دبي، والتي تعكس ممارساتها الإبداعية شغفاً عارماً بمفهوم الديمومة والاستمرار والحاجة الماسة إلى البقاء، ومجد علوش، الفنان السوري الحاصل على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة الشارقة، والمتخصِّص في مجالات فنية عدة؛ منها الطباعة والنحت والتصوير الفوتوغرافي، وتحريك الصور والتركيب وفن الأداء.

ويسعى العمل الفائز، وعنوانه «شهيق»، إلى التقاط معاني الحكمة من أشجار القرم (المانغروف) التي ترسم ملامح الطبيعة الإماراتية، في خطوة تحاول تشجيع المتلقّي على اعتماد أنماط تفكير تدعم ممارسات الحفاظ على البيئة والحلول المطبَّقة في هذا المجال، وتسليط الضوء على الأفكار الإيجابية التي تحدُّ من تدهور المشهد البيئي وتسهم في استعادة جمال الطبيعة.

من جهتها، أشارت سعادة هدى إبراهيم الخميس، مؤسِّس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، المؤسِّس والمدير الفني لمهرجان أبوظبي، إلى أنَّ جائزة كريستو وجان كلود في دورتها الحادية عشرة، تجدِّد التزام المجموعة بالشراكة مع جامعة نيويورك أبوظبي، وبرعاية كريمة من سمو الشيخة شمسة بنت حمدان بن محمد آل نهيان، بالاستثمار في الشباب ورعاية الجيل المقبل من الفنانين التشكيليين، وإيصال صوتهم وإبراز بصمتهم المتميزة في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية.

وقالت سعادتها: «تتيح الجائزة للمواهب الجديدة تصميم أعمالهم الفنية بدءاً من الفكرة الأولى، ووصولاً إلى إنجاز العمل الفني وعرضه على الجمهور، مروراً بمساق مهني بإشراف المختصين في الفنون والأكاديميين».

وتابعت: «استلهم التشكيليون الشباب الفائزون بجائزة كريستو وجان كلود هذا العام، مجد علوش وفيفي تشو من جامعة نيويورك أبوظبي، وحلا العبورة من جامعة الشارقة، عملهم الفني، من رمزية شجرة القرم (المانغروف) وأهميتها بصفتها وعاءً يحبس انبعاثات الكربون، وحكمة ارتباطها الأصيل بالبيئة الإماراتية، وتحمُّلها الظروف الطبيعية وملوحة المياه، في إشارة إلى ثراء المكان الإماراتي بالحلول المناخية والطاقات النظيفة البديلة، وإرث الوالد المؤسِّس الشيخ زايد، طيَّب الله ثراه، في التعامل الرؤوف مع الطبيعة ومكوّناتها، قبيل استضافة الدولة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28)».

وتعليقاً على هذا الموضوع، قالت مايا أليسون، المدير التنفيذي لرواق الفن ورئيس القيّمين الفنيين في جامعة نيويورك أبوظبي: «تواصل المواهب الشابة في دولة الإمارات تقديم إبداعات استثنائية تدفعنا إلى الوقوف أمامها بكل احترام وفخر. ولنا في العمل الفائز (شهيق) خير مثال على الموهبة العبقرية التي يحملها هؤلاء المبدعون. وتأتي جائزة كريستو وجان كلود، التي تأسَّست لدعم الجيل التالي من الفنانين في دولة الإمارات، لتمنحهم فرصة التعبير عن رؤاهم وأفكارهم، لا سيما موضوع التغير المناخي والحاجة الماسَّة إلى بناء مستقبل مستدام. ونجح الفنانون الفائزون في توظيف أشجار القرم وبيئة الغابات، وتحويلها إلى رمز للتجديد والتناغم في الطبيعة مع إمكانات العيش المستدام».

وأضافت أليسون: «نحن مؤسَّسة تفخر بتوظيف الفن بصفته أداةً لتقديم أعمال تركِّز في جوهرها على موضوع الاستدامة، مثل هذا المجسَّم الفني والمعرض المتواصل في رواق الفن بعنوان (المتغير الثابت)، الذي يستكشف مستقبل الطبيعة بعدسة الفن. وتعكس تلك الصورة اهتمامنا الكبير بالبيئة، وتتَّسِق مع مذكرة التفاهم الموقَّعة بين جامعة نيويورك أبوظبي ومؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28)، بهدف تعزيز التعاون لتفعيل مشاركة الشباب ونشر التوعية العامة عن العمل البيئي والمناخ. وفي هذا السياق، يتناول (شهيق) مخاوف الجيل الشاب وقلقهم إزاء المخاطر التي تهدِّد كوكبنا، ويعكس الاهتمام والوعي البيئي المتجذر في ثقافة المنطقة».

ومن جانبها، صرَّحت إيميلي دوهيرتي، مديرة جائزة كريستو وجان كلود: «تُعدُّ جائزة كريستو وجان كلود، التي أُطلِقَت قبل 11 عاماً، من أعرق الجوائز الفنية المحلية وأكثرها تميزاً على صعيد دعم الفنانين الناشئين في المنطقة. ويخوض الثلاثي الفائز لدينا هذا العام تجربة إنتاج تستمر ثمانية أشهر بدعم من فريق رواق الفن في جامعة نيويورك أبوظبي، وتحت إشراف أستاذ الفنون ديل هدسون. ويُعدُّ (شهيق) واحداً من الإبداعات اللافتة بالنسبة لنا، فهو يعكس مسار تطوُّر جائزة كريستو وجان كلود نحو إنتاج أعمال مدروسة وناضجة من توقيع مواهب صاعدة تحاول تكريس جهودها لاحتراف الفن. وأودُّ أن أهنئهم جميعاً على هذه التحفة الرائعة».

ونجحت المواهب التي قدَّمت العمل الفني الفائز (شهيق) في أن تخطو أولى خطواتها على طريق الاحتراف، وبدأت بداية ناجحة في مسيرتها الإبداعية في عالم الفنون، حيث شاركت فيفي تشو في بينالي شنغهاي وعرضت أعمالها في دبي، بينما كانت إبداعات حلا العبورة حاضرة في معارض متنوعة على امتداد الولايات المتحدة وكندا والشارقة. أمّا مجد علوش، فيتابع مشواره الأكاديمي اليوم لنيل شهادة ماجستير الفنون الجميلة في الفن والإعلام من جامعة نيويورك أبوظبي.

وحصل الفنانون الفائزون بجائزة كريستو وجان كلود 2023 على نحو 36,000 درهم لاستكمال عملهم الفني تحت إشراف وتوجيه نخبة من الخبراء، بمن فيهم إيميلي دوهيرتي، مديرة الجائزة، وفريق عمل رواق الفن بجامعة نيويورك أبوظبي، والهيئة التدريسية في الجامعة. 

وبدوره، قال ديل هدسون، الأستاذ المشارك والمتخصِّص في السينما والإعلام الجديد والمشرف على الطلاب في جامعة نيويورك أبوظبي: «قدَّم الثلاثي الفائز بالجائزة مثالاً يُحتذى به عن التشاركية بين الطلاب والفنانين ودورها في توظيف المعرفة المحلية، وتأكيد أهميتها مصدراً بديلاً عن المعلومات المغلوطة التي كانت متداولة عالمياً لعقود طويلة. ولعلَّ الاستعمال اليومي لمصطلح التغير المناخي، الذي أطلقه فرانك لونتز للتقليل من شأن الاحتباس الحراري، يشكِّل خير دليل على خطورة الأزمة. وقد يرغب لونتز في التراجع عن عبارته تلك، ولكن الضرر قد وقع. ويمكن للأعمال الفنية، من نوعية الأعمال المطروحة في جائزة كريستو جان كلود، أن تكشف قصور سياسات الاستدامة عن احتواء الموقف بعد أن بلغت الممارسات البشرية منذ فترة طويلة مستويات لا رجعة عنها، وأثبتت تأثيراتها السلبية في المجتمعات الضعيفة. لذلك، فإننا نشعر في جامعة نيويورك أبوظبي ودولة الإمارات ككل، بالمسؤولية لمواجهة الأزمة. ونعتقد بوجود أساليب أخرى للتفكير والنجاة، وهذا ما يحاول (شهيق) إبرازه من خلال توجيه البشر نحو اعتماد أنماط حياتية تخدم الفكرة ذاتها».

وتُنظِّم جائزة كريستو وجان كلود سنوياً منذ عام 2013 بالتعاون مع رواق الفن في جامعة نيويورك أبوظبي، وهي مسابقة فنية مفتوحة للطلاب والخريجين الجدد في دولة الإمارات، صُمِّمَت بهدف التشجيع على ابتكار أعمال فنية جديدة، ودعم مسيرة الفنانين الفائزين في الحياة العملية بدءاً من مرحلة التكليف ووصولاً إلى العرض.