يفتتح متحف اللوفر أبوظبي معرضه الجديد «المماليك: الإرث والأثر»، الأول من نوعه في منطقة الخليج العربي، والذي يسلِّط الضوء على الإرث الفني الغني لسلطنة المماليك، تلك الدولة القوية التي حكمت مساحات شاسعة من الأراضي التي ضمَّت أهم المواقع الإسلامية المقدَّسة لأكثر من قرنين ونصف من الزمان (1250–1517).
ويقدِّم المعرض، الذي يُقام خلال الفترة من 17 سبتمبر 2025 إلى 25 يناير 2026، أكثر من 270 عملاً فنياً استثنائياً من مقتنيات 34 متحفاً ومؤسسة ثقافية مرموقة من 13 بلداً، تشمل تُحفاً فنية وأواني زجاجية ومعدنية وخزفيات ومنسوجات، إضافةً إلى العملات والمخطوطات وغيرها من القطع المميَّزة.
يُنظِّم اللوفر أبوظبي المعرض بالتعاون مع متحف اللوفر ووكالة متاحف فرنسا، بدعم من شركة إل جي إلكترونيكس الخليج كراعٍ، وشبكة أبوظبي للإعلام كشريك إعلامي.
وتتولى التنسيق العام للمعرض الدكتورة ثريا نجيم، مديرة قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر في فرنسا، في حين تتولّى الدكتورة كارين جوفان، أمينة المتحف والمتخصصة في الشرق الأدنى في العصور الوسطى في قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر التنسيق العلمي، إلى جانب فاخرة الكندي، مساعدة أمين متحف أول في اللوفر أبوظبي.
وقال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي: «نحن فخورون بتقديم معرض المماليك: الإرث والأثر الذي يحتفي بالإنجازات الثقافية والفنية لإحدى أكثر الممالك تأثيراً في العالم الإسلامي، حيث يسلِّط المعرض الضوء على الروابط والتفاعلات بين دولة المماليك وآسيا وإفريقيا وأوروبا، ويُظهِر عمق الترابط بين أرجاء العالم آنذاك، ويكشف عن مدى توافقه، بشكل لافت للنظر، مع التوجُّهات العالمية لأبوظبي اليوم. ونتوجّه بخالص الشكر لشركائنا والمؤسسات التي قدَّمت القِطع الفنية المُعارة، والرُعاة، حيث استطعنا بفضل تعاونهم إحياء التاريخ وتعميق الروابط الثقافية عبر الحدود».
أُقيم هذا المعرض للمرة الأولى في متحف اللوفر في باريس خلال ربيع عام 2025، كأول معرض أوروبي كبير مكرَّس لسلطنة المماليك. وضمن المجموعة الاستثنائية في قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر والتي تستعرض تنوُّع الإنتاج الفني في العالم الإسلامي منذ القرن السابع حتى أوائل القرن العشرين، تُعَدُّ مجموعة الأعمال المملوكية من بين الأرقى في العالم. ويُقدَّم المعرض اليوم للجمهور في دولة الإمارات ومنطقة الخليج العربي، حيث يسلِّط التوجُّه الإبداعي للمعرض الضوء على الروابط التاريخية والثقافية بين المنطقة والحقبة المملوكية، مع عرض موسَّع لمجموعة من الأعمال الفنية المُستعارة من مؤسسات إقليمية، تُعرَض حصرياً في أبوظبي، إلى جانب بعض الأعمال التي عُرِضت في كلٍّ من أبوظبي وباريس.
وقالت لورانس دي كار، رئيس ومدير متحف اللوفر في باريس: «يُعَدُّ معرض المماليك: الإرث والأثر في متحف اللوفر أبوظبي شهادة استثنائية على قوة الشراكة وحيويتها بين مؤسستينا. ويسرُّني جداً أن تُعرَض في هذه المناسبة عدة روائع من مقتنيات اللوفر إلى جوار قطع أخرى مُعارة من مختلف أنحاء العالم. وآمل أن تُتيح الحوارات بين هذه الأعمال لزوّار متحف اللوفر أبوظبي فرصة إدراك ثراء التنوُّع الفني والفكري لهذه الثقافة التي شكَّلت ملامح الشرق الأدنى منذ منتصف القرن الثالث عشر وحتى بدايات القرن السادس عشر».
وقالت منسِّقتا المعرض، الدكتورة ثريا نجيم والدكتورة كارين جوفان: «يُتيح هذا المعرض فرصة فريدة لعرض التاريخ الاستثنائي لسلاطين المماليك وإنجازاتهم الثقافية والفنية للمرة الأولى في كلٍّ من أوروبا والشرق الأوسط، من خلال أعمال فنية مميَّزة معارة دولياً. ويسرُّنا بشكل خاص تسليط الضوء على موضوعات تناولتها أبحاث حديثة حول مجتمع المماليك، ويشمل ذلك دور النساء والأقليات الدينية، فضلاً عن شبكات الإمبراطورية الواسعة على الصعيد الدبلوماسي وعلى صعيد التجارة الممتدة عبر آسيا وإفريقيا وأوروبا. ورأينا أنه من الضروري إبراز قوة فنون المماليك وفخامتها، باعتبارها شكلاً من أشكال التعبير الفني الذي لا يزال يبدو معاصراً بشكل لافت».
وقال الدكتور غيليم أندريه، مدير إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في متحف اللوفر أبوظبي: «بفضل العلاقة الوثيقة التي تربط بين متحف اللوفر أبوظبي ومتحف اللوفر، ونظراً لأهمية مجموعات اللوفر الفنية وجودتها، واستناداً إلى الأبحاث المكثّفة التي أُجريَت في فرنسا حول هذه الفترة منذ القرن التاسع عشر، فإنَّ من الطبيعي أن تقوم الشراكة بين المتحفين حول هذا المعرض على هذا النحو من السرعة. لقد تعاون المتحفان تعاوناً وثيقاً على إنجاز هذا المشروع، ما مكَّن من إدراج أعمال فنية عديدة من روائع الفن المملوكي من مقتنيات متحف اللوفر أبوظبي ضمن نسختي هذا المعرض المتنقل».
يضمُّ المعرض سبعة أقسام موزَّعة وفقاً لموضوعات تستكشف هيكل دولة المماليك وتأثيرها. ومن أبرز الأعمال المُعارة من متحف اللوفر: مفتاح للكعبة يحمل اسم السلطان فرج (حَكَم بين سنتي 1399 و1412م)، وخوذة تحمل اسم السلطان برسباي (حَكَم بين سنتي 1422 و1438م)، ولوحة من مدرسة البندقية بعنوان استقبال حاكم دمشق وفداً بندقياً (1511). ومن بين الأعمال البارزة المُعارة أيضاً طست معروف باسم «معمودية القديس لويس» (نحو 1330 – 1340)، وهو تحفة فنية من النحاس المحفور والمرصَّع بالفضة والذهب، وقد أصبح رمزاً بارزاً للملكية والتاريخ الفرنسي على مرِّ القرون. يُعرَض هذا العمل البارز في المنطقة للمرة الأولى على الإطلاق.
ويقدِّم المعرض ستة أعمال فنية من مجموعة متحف اللوفر أبوظبي، من بينها جزء عمّ، الجزء الثلاثون من القرآن الكريم (النصف الثاني من القرن الثالث عشر)، وبساط مزيَّن بثلاث رصائع صُنِع في مصر (النصف الثاني من القرن الخامس عشر)، وإناء صيدلاني «ألباريلّو» مزخرف بشعار نبالة (القرن الخامس عشر).
وتشمل الأعمال المُعارة البارزة الأخرى شهادة حج مسلَّمة لميمونة ابنة محمد الزرديلي (1433) من المكتبة البريطانية، ومبخرة تحمل اسم السلطان الناصر محمد بن قلاوون (نحو 1330–1341) من متحف الفن الإسلامي في الدوحة، ومصباح مسجد يحمل اسم الأمير قوصون (نحو 1330–1335) من متحف المتروبوليتان للفنون في نيويورك.
وبدعم من شركة إل جي إلكترونيكس الخليج، يدمج المعرض تقنيات السرد الرقمي والوسائط المتعددة، حيث توجد خمس شاشات تفاعلية موزَّعة في أرجاء المعرض تمكَّن الزوّار من التعمُّق في القصص وراء الأعمال الفنية، وهو ما يُثري تجربتهم من خلال مؤثرات صوتية وبصرية غامرة.
يقدِّم المتحف، بالتزامن مع معرض المماليك: الإرث والأثر، برنامجاً ثقافياً وتعليمياً ثرياً يضمُّ مجموعة متنوّعة من الفعاليات. حيث تُعقَد، خلال الفترة بين شهري سبتمبر ونوفمبر 2025، ثلاث محاضرات تستكشف جوانب مختلفة من العصر المملوكي تضمُّ حواراً شاملاً مع منسقتَي المعرض بتاريخ 16 سبتمبر 2025، ومحاضرة عن العمارة المملوكية بتاريخ 19 نوفمبر 2025، ومحاضرة تركِّز على شخصية تاريخية بارزة عاشت في عصر المماليك. إضافةً إلى ذلك، سيُعرَض فيلم عن تاريخ المماليك خلال فترة المعرض.
ويستضيف المتحف أيضاً مجموعة متنوّعة من الأنشطة التعليمية التي تناسب جميع الفئات المجتمعية والعمرية، ومن أبرزها مسار مخصَّص للأطفال مع بطاقات تعريفية على الجدران للطلبة والصغار، تمكِّنهم من استكشاف المعرض عبر أسئلة وحقائق ممتعة. وستتضمَّن برامج المتحف المستمرة، مثل «الرسم في المتحف» و«رسم وسوالف»، جلسات مخصَّصة لعصر المماليك، إضافة إلى جولات إرشادية متميِّزة.
سيتوافر أيضاً بودكاست مسجَّل عن المعرض على الموقع الإلكتروني الخاص بمتحف اللوفر أبوظبي وتطبيقه على الهواتف المحمولة، وهو ما يمكن الجمهور من استكشاف موضوعاته من أيِّ مكان. وسيكون كتالوج معرض المماليك: الإرث والأثر متوفراً باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية في متجر المتحف. وأشرفت على تحرير هذا الكتالوج المنسِّقة العلمية للمعرض، الدكتورة كارين جوفان، ويضمُّ مساهمات من نخبة من أبرز الخبراء الدوليين، ليشكِّل مرجعاً يسيراً حول الفنون والثقافة في السلطنة المملوكية.