تستضيف دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي «وحدات تعريف الخبراء لتكوين المعرفة الاستراتيجية المشتركة»، وهي سلسلة من الندوات وورش العمل المتخصصة في مجالات التراث الثقافي، في إطار تعزيز نهج متكامل واستراتيجية موحَّدة لحماية وتعزيز التراث الثقافي والطبيعي الذي تتشارك به القطاعات المختلفة. وتؤكد هذه السلسلة التزام دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي بترسيخ الاستدامة الثقافية، وحماية الأصول التراثية والموارد الثقافية للأجيال المُقبلة.
وتستند سلسلة الندوات إلى «المنتدى الدولي الأول للتراث الثقافي وتنمية المعرفة»، الذي نظمته دائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي في مايو 2025، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، إلى جانب جهات شريكة وطنية ودولية، منها وزارة الثقافة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وركّز المنتدى الدولي على النهوض بالتعليم الثقافي، وصون التراث، وتبنّي نهج تكاملي لحماية وتطوير التراث. وجاء تنظيم هذا المنتدى الأول من نوعه، استجابةً مباشرة لتوصيات مؤتمر اليونسكو العالمي لتعليم الثقافة والفنون، الذي استضافته أبوظبي في فبراير 2024. وتُشكّل هذه المبادرات المتنامية مجتمعةً، جزءاً من الاستراتيجية الأوسع والشاملة لقانون التراث الثقافي في إمارة أبوظبي، التي تسعى لترسيخ مكانتها كمركز عالمي رائد في مجال حماية وتطوير التراث.
وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: «نؤمن أنَّ حماية تراثنا ليست مسؤولية جهة أو فرد واحد، بل هي مهمة مشتركة تتطلب التعاون، وتبادل المعرفة، والعمل الجماعي. واستناداً إلى نتائج المنتدى الدولي الأول للتراث الثقافي وتنمية المعرفة، نؤكد مواصلة جهودنا للحفاظ على ماضينا من خلال تحسين مهارات القوى العاملة في قطاع الثقافة، ومن خلال هذه الندوات وورش العمل، نزوِّد العاملين في مختلف القطاعات المعنية بالأدوات الحديثة والرؤى الاستشرافية المستقبلية اللازمة لحماية هويتنا ومواقعنا وتقاليدنا. ومن خلال استثمارنا في مواردنا البشرية والشراكات الفاعلة، نصون مواقعنا لنسرد قصصنا ونُشارك تقاليدنا وبالتالي نضمن أن يظل التراث الثقافي والطبيعي مصدراً للهوية والفرص لأبوظبي والمنطقة والعالم أجمع».
وامتثالاً لإطار عمل اليونسكو لتعليم الثقافة والفنون (أبوظبي، 2024)، ومؤتمر اليونسكو العالمي للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة (موندياكولت 2022)، وميثاق المستقبل (2024)، يؤكد هذا البرنامج على الدور الحيوي للثقافة والتعليم كركيزتين مترابطتين للنهوض بالمعرفة وبناء مجتمعات مرنة، ويرتكز إطلاق هذه المبادرة على الإيمان بأن لكل فرد الحق في الاستفادة من التراث الثقافي والإسهام في إثرائه.
واستناداً إلى «العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للأمم المتحدة» (1966)، يهدف البرنامج إلى تفعيل أماكن التراث الحي، حيث يكون الوصول إلى الثقافة أمراً أساسياً لممارسة الحقوق الثقافية ومحفزاً للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الشاملة والمستدامة، كما يُمثل البرنامج حافزاً للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الشاملة والمستدامة. ويؤكد البرنامج على ضرورة الحفاظ على التراث الثقافي المادي وغير المادي والطبيعي لتحقيق التماسك الاجتماعي، وتوفير الفرص الاقتصادية، وضمان الاستمرارية التاريخية من خلال معانيه وهوياته وقيمه الجوهرية.
وتواصل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي جهودها الريادية في دعم السياسات والمبادرات التي تضمن صون التراث الثقافي للأجيال المقبلة، مع تمكين المجتمعات المحلية من التفاعل معه والاستفادة منه. وصُمِّمَت المبادرة وفقاً لنهج متكامل لحماية التراث والترويج له، حيث تُسهم الندوات وورش العمل والمنتدى العالمي في تعزيز الحوكمة المبتكرة والتعاون بين القطاعات وبناء القدرات على جميع المستويات.
ويتضمَّن البرنامج أربع وحدات تعريفية هي حماية مواقع التراث الثقافي والطبيعي، وصون التراث الثقافي غير المادي، وحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، وحماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي (الصناعات الثقافية).
وتتناول الوحدة التعريفية الأولى «حماية مواقع التراث الثقافي والطبيعي»، التراث كمسؤولية عالمية ووطنية مشتركة وعامل مُحفّز للتنمية المستدامة، وتستعرض الأطُر القانونية والمؤسَّسية والعملية لحماية المواقع التراثية، بدءاً من أطُر اليونسكو وصولاً إلى الإجراءات الوطنية والمحلية، مع التركيز على التعاون بين الجهات، والاستعداد للمخاطر، وإدارة المواقع المجتمعية. وتعقد الوحدة الأولى من 16 إلى 19 سبتمبر 2025.
وتتناول الوحدة التعريفية الثانية «حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي»، التنوع الثقافي كأساس للابتكار والشمول والمرونة. وتبحث في كيفية مساهمة الأطُر القانونية والصناعات الثقافية والتعليم والمجتمع المدني في حماية الأصوات الثقافية المتنوعة. وتعقد الوحدة الثانية من 7 إلى 10 أكتوبر 2025.
وتُركز الوحدة التعريفية الثالثة على «حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه»، وتشمل المواقع الأثرية الساحلية مع تسليط الضوء على أهمية القانون، والاعتبارات البيئية، والتنسيق مع الجهات الأمنية، ودور المجتمعات الساحلية وقطاع السياحة في دعم جهود الحماية. وتعقد الوحدة الثالثة من 21 إلى 24 أكتوبر 2025.
وتُركز الوحدة التعريفية الرابعة على «صون التراث الثقافي غير المادي» بما في ذلك التقاليد، ونظُم المعرفة، والممارسات، والتعبير الشفهي، والفنون الأدائية، وتؤكد من خلالها أهمية صون التراث الحي، مع استكشاف أدوار التعليم والإعلام والسياسات والمجتمعات المحلية في الحفاظ على الهوية الثقافية واستمراريتها. وتعقد الوحدة الرابعة من 17 إلى 20 نوفمبر 2025.
وتستمر كل وحدة تعريفية على مدى أربعة أيام متتالية، تشمل ندوة مكثفة لمدة يومين، تُركز على تبادل المعرفة وبناء الوعي. ويُعقَد على مدى اليومين الآخرين ورش عمل استراتيجية مع خبراء في التراث الثقافي، وزيارات ميدانية لتعزيز التعاون بين القطاعات المختلفة، والإسهام في إيجاد حلول مشتركة بين المهنيين العاملين في مجالات الثقافة والتعليم والإعلام والبيئة العمرانية وإنفاذ القانون والسياحة والبيئة، وغيرها من المجالات ذات الصلة.
وينال المشاركون الذين أكملوا الوحدة بنجاح شهادة تعترف بهم كأعضاء في شبكة خبراء وممثلي أبوظبي في مجال التراث الثقافي. وسيسهم هؤلاء المهنيون بشكل فعّال في المجموعات المتخصصة والمُشكَّلة لكل محور موضوعي، داعمين بذلك الجهود الوطنية والإقليمية الجارية لحماية وتعزيز التراث الثقافي داخل أبوظبي وخارجها. كما تشمل مشاركتهم تمثيل مؤسساتهم في الاجتماعات المحلية، لدعم تحقيق الأهداف الوطنية للحفاظ على التراث الثقافي. ويُمكن للجهات المشاركة أيضاً ترشيح أفراد لحضور وحدة أو أكثر بما يتوافق مع أدوارهم المهنية في مؤسساتهم.
تُعقد الندوات باللغتين العربية أو الإنجليزية، مع توفر الترجمة الفورية. وصُمم البرنامج للمهنيين من دولة الإمارات العربية المتحدة ومجلس التعاون لدول الخليج العربي، والعاملين في الجهات الحكومية والمؤسسات العاملة في مجال الثقافة. ويشمل المشاركون المؤهلون، منتسبي الشرطة والجمارك، والدفاع المدني، وهيئات البيئة والاستدامة والبلديات، ومؤسسات التعليم والتعليم العالي، ومكاتب الإعلام والاتصال، وممثلي المجتمع المحلي والمنظمات غير الحكومية، والمؤسسات والهيئات الثقافية، ويُرحَّب بالمهنيين من مختلف التخصصات، من المهندسين المعماريين ومخططي المدن ومديري المشاريع وعلماء الآثار والمعلمين والإعلاميين وموظفي المتاحف، وغيرهم.
وبانتهاء المُشاركين من الوحدات التعريفية المذكورة، يصبحون أعضاءً في شبكة خبراء التراث الثقافي لتمثيل مؤسساتهم ومنظماتهم في الفعاليات المستقبلية ذات الصلة.