أعلنت الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، الرئيس والمدير التنفيذي لـ«فرونتير25» و«ذا كلايمت ترايب»، عن التحوُّل الاستراتيجي لـ«المسرّعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغيّر المناخي»، المنظَّمة غير الربحية التي أُسِّسَت في أبوظبي عام 2022، إلى «فرونتير25»، استشارية العمل المناخي، في خطوة تمثِّل تطوُّراً طبيعياً في مسيرة المؤسسة نحو تسريع العمل المناخي، وتعزيز حلول الاستدامة برؤية أكثر تركيزاً وسرعة لتحقيق الأثر الملموس.
وجاء الإعلان خلال منتدى «من الأفكار إلى الأثر»، الذي استقطب أكثر من 250 من ممثّلي الجهات الحكومية وقادة الأعمال والخبراء والمختصين في الاقتصاد الأخضر في أبوظبي، في منصةٍ جمعت العقول وصنّاع القرار لتبادل الخبرات، وبناء الشراكات، واستكشاف سُبُل تحويل الطموحات المناخية إلى خطوات عملية قابلة للقياس.
وأكَّدت الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان أنَّ هذا التحوُّل يُجسِّد انتقال المؤسسة من مرحلة الحوارات إلى التنفيذ، مشيرةً إلى أنَّ «فرونتير25» تمثِّل تطوُّراً طبيعياً في مسارها كمسرّعٍ للابتكار ومؤثِّرٍ فاعلٍ في العمل المناخي؛ إذ تواصل ما بدأته «المسرّعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغيّر المناخي» ضمن إطار مؤسَّسي أكثر مرونة، ورؤية أكثر وضوحاً تستجيب لحجم التحديات المناخية المتزايدة.
وترمز تسمية «فرونتير25» إلى عبور مرحلةٍ فاصلةٍ بين الأزمة والتغيير، حيث يشير الرقم (25) إلى اللحظة الحاسمة التي يقف فيها العالم على أعتاب التحوُّل من التحدي إلى الحلّ. ففي عام 2024، تجاوزت درجات الحرارة العالمية للمرة الأولى مستوى 1.5 درجة مئوية فوق معدلات ما قبل الثورة الصناعية، ما يجعل عام 2025 نقطة تحوُّلٍ مفصليةٍ تتطلَّب عملاً عاجلاً للحفاظ على مسار الحياد المناخي لدولة الإمارات والعالم بحلول عام 2050.
وقالت الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان: «لم تتغيَّر رؤيتنا، بل ازدادت وضوحاً وعمقاً. ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة حول العالم، وتضاعف وتيرتها في منطقتنا مقارنةً بالمعدل العالمي، بات لزاماً علينا أن نتحرَّك بإلحاحٍ ومسؤوليةٍ متجدِّدة. نحن بحاجة إلى مهمة أكثر تركيزاً لمنظمتنا، مهمة تَبني على التحالفات التي أقمناها، والأفكار التي احتضنّاها، لتسريع وتيرتها بما يواكب حجم التحدي المناخي الذي نواجهه اليوم».
عملت «المسرّعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغيّر المناخي» على مدى ثلاثة أعوام على بناء شراكات استراتيجية، وتعزيز التعاون، وتقديم مبادرات نوعية، حيث أصدرت أكثر من 20 تقريراً ودراسةً تحليلية، ونظَّمت أكثر من 20 حواراً ومنتدى سياسياً، وقدَّمت أكثر من 25 توصية داعمة لمسار الحياد المناخي، وأسهمت في تسريع نمو أكثر من 80 شركة ناشئة في مجال التقنيات المناخية، فضلاً عن توسيع عضوية «تحالف الكربون الإماراتي» لتضمَّ أكثر من 65 جهة ومؤسسة.
وانطلاقاً من هذه القاعدة الصلبة، تواصل «فرونتير25» مسيرتها في تمكين شركائها من الانتقال إلى التنفيذ العملي، مع الحفاظ على استقلاليتها وطابعها غير الربحي، وتركيزها على تحقيق الأثر القابل للقياس. وستدفع المنظمة عجلة الاقتصاد الأخضر عبر ثلاث ركائز استراتيجية رئيسية تشمل الاستشارات القائمة على الأدلة، وتسريع الأسواق والمشاريع، والتحالفات الاستراتيجية.
وتقدِّم «فرونتير25» من خلال خدماتها الاستشارية حلولاً مبنية على بحوثٍ وتحليلاتٍ دقيقةٍ و«حوارات السياسات»، لتطوير توصيات واستراتيجيات عملية قابلة للتطبيق الفوري. كما تستمر برامجها، مثل «منصات الإطلاق» و«الجولات الاستثمارية والصناعية» في دعم الشركات الناشئة في مجالات المناخ، لمساعدتها على دخول الأسواق وجذب التمويل والتوسُّع. أمّا التحالفات الاستراتيجية، فتهدف إلى مواءمة جهود الحكومات والمستثمرين والمؤسسات والشركات الناشئة لمواجهة التحديات المناخية الأكثر إلحاحاً.
وشهد المنتدى الكشف عن خمسة محاور رئيسية تمثِّل أولويات العمل المناخي لدى «فرونتير25»، استناداً إلى نتائج تقريرها «من 25 إلى 2050» الصادر في فبراير 2025، والذي تناول 25 إجراءً محورياً لتسريع التقدُّم نحو تحقيق أهداف استراتيجية الإمارات للحياد المناخي بحلول عام 2050. وشهدت الجلسات نقاشات معمَّقة بمشاركة نخبة من الخبراء وصنّاع القرار، على أن تُنشَر نتائجها التفصيلية في تقريرٍ شاملٍ مَطلع نوفمبر 2025.
ورغم حاجة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى نحو 500 مليار دولار من الاستثمارات المناخية، فإنَّ حصتها من التمويل العالمي لا تتجاوز 6.6%. ومع التزام المصارف الإماراتية بتوفير تريليون درهم للتمويل المستدام بحلول عام 2030، وتنامي أدوات التمويل المبتكر، مثل التمويل المدمج، وأسواق الكربون، والتصنيفات الخضراء، ستعمل «فرونتير25» على سدِّ الفجوات وتسريع الوصول إلى التمويل المناخي.
تُعَدُّ الثقافة المناخية ركيزة أساسية لتحقيق أهداف دولة الإمارات للحياد المناخي بحلول عام 2050. ورغم أنَّ معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة في الدولة تتجاوز 90%، فإنَّ الوعي المناخي لا يزال متفاوتاً في المنطقة. ومن هذا المنطلق، تستكشف «فرونتير25» آفاق تسخير الاتصال وسرد القصص والتكنولوجيا لتعزيز الوعي العام، وترسيخ الثقافة المناخية كأسلوب حياةٍ مستدام.
وتُسهم البيئة العمرانية بنحو 37% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة عالمياً. وإدراكاً لتأثير هذا القطاع الحيوي، تهدف دولة الإمارات إلى خفض انبعاثات المباني بنسبة 85% بحلول عام 2030، ضمن «المساهمة المحددة وطنياً الثالثة». وستعمل «فرونتير25» على تحفيز التعاون بين القطاعات واعتماد سياسات وتقنيات مبتكرة لتحقيق بيئة عمرانية مستدامة.
تتعاون «فرونتير25» مع شركائها لتعزيز الحوار وتبادل الخبرات بهدف تطوير نهج وطني موحَّد لإزالة الكربون من القطاع البحري، وترسيخ مكانة دولة الإمارات كرائدة إقليمياً في مجال الشحن المستدام. وتهدف المبادرة إلى بناء أُطُر تنظيمية وتشغيلية موحَّدة لتسريع إزالة الانبعاثات وتعزيز التنافسية البيئية في القطاع.
يسهم قطاع الطيران بنحو 18% من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات، ويوفِّر وظيفة من كلِّ عشر وظائف في الدولة، ما يجعله أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد الوطني. ومن هنا، ستقود «فرونتير25» جهود التعاون لبناء شراكات وتحالفات تُسهم في تسريع إزالة الكربون من هذا القطاع، وتعزيز دوره في دعم الاقتصاد الأخضر وتحقيق الحياد المناخي.